مقامة فكاهية
3 مشترك
:: رفه عن نفسك :: لطائف الفكاهة
صفحة 1 من اصل 1
مقامة فكاهية
غالباً مايتسم أهل القرى بالسذاجة واحتيال المحتالين عليهم وهذه المقامة تدور حول الشحاذة ، وبطلها محتال احتاج إلى طعام ولم تكن معه نقود واستطاع برغم ذلك أن يأكل حتى الشبع من جميع صنوف الأطعمة الفاخرة والتي كانت معروفة في بغداد في ذلك العصر وذلك باحتياله على فلاح مسكين -ليس له معرفة به- حينما استضافه إلى طعام وهرب منه دون أن يدفع شيئاً ، وقد تحمل ذلك المسكين سيلاً من اللكمات نزلت على رأسه من صاحب المطعم ...(الحمد لله ماكنت اني ماكنت هذا الفلاح (
(وبالرغم من أن ألفاظها غريبة إلا أنها في غاية الفكاهة . ومعاني الكلمات قد وضعتها بين قوسين تسهيلاً للقاريء)
المقامة البغدادية لبديع الزمان الهمذاني
" حدثنا عيسى بن هشام قال : اشتهيت الأزاذ (من أجود أنواع التمر في العراق) وأنا ببغداد، وليس معي عَقْـدٌ على نقد، (أي كيس النقود لديه ليس معقود ؛كناية عن نفي النقود ) فخرجت أنتهز محالًّــه بالكرخ(إحدى مناطق بغداد) فإذا بسودايّ (يعني فلاحاً) يسوق بالجهد حماره، ويطرِّف بالعقد إزاره ، فقلت : ظفرنا والله بالصيد ، وحياك الله أبا زيد، من أين أقبلت ؟وأين نزلت ؟ ومتى وافيت؟ وهُـلُــم الى البيت.
فقال السواديّ : لست بأبي زيد،ولكني أبو عبيد.
فقلت : نعم ،لعن الله الشيطان ، وأبعد النسيان ، أنسانيك طول العهد , واتصال البعد ، فكيف حال أبيك؟ أشابّ كعهدي ؟ أم شاب بعدي؟
فقال: قد نبت الربيع على دِمنته (يعني أن قبر والده نبت عليه الربيع فقد مات منذ زمن بعيد! )، وأرجو أن يصيره الله إلى جنته.
فقلت : إنا لله وإنا إليه راجعون ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ، ومددت يد البدار ( المسارعة) إلى الصدّار (قميص يغطي الصدر) أريد تمزيقه ، فقبض السودايّ على خصري بجُـمْعِـه (قبضته)،وقال : نشدك الله لا مزقته.
فقلت : هلم إلى البيت نُصب ْ غذاءً ، أو السوق نشتر شواءً، والسوق أقرب ،وطعامه أطيب، فاستفزته حمة القرم (اشتداد الرغبة في الأكل) وعطفته عاطفة اللقم (الأكل السريع)، وطمع ولم يعلم انه وقع ! ، ثم أتينا شواءً يتقاطر شواؤه عرقاً ، وتتسايل جواذباته (الخبز الذي مع الشواء) مرقاً ، فقلت : افرز لأبي زيد من هذا الشواء ثم زن له من تلك الحلواء، واختر له من تلك الأطباق ، وانضد عليها أوراق الرقاق(الخبز الرقيق)، ورُش عليه شيئاً من السمّاق، ليأكله أبو زيد هنيا، فانحنى الشواء بساطورِه ، على زبدة تنوره (أي أضاف الزبدة إلى التنور) فجعلها كالكحل سحقاً وكالطحن دقاً ، ثم جلس وجلست ، حتى استوفينا (فرغنا من الطعام) ، وقلت لصاحب الحلوى:
زن لأبي زيد من اللوزينج ( نوع من الحلوى يصنع من اللوز) رطلين ، فهو أجرى في الحلوق، وأمضى في العروق، وليكن ليليّ العمر (صنع بالليل) ،يوميَ النشر (نشر في النهار حتى يكون أكثر حلاوة) ، رقيق القشر، كثيف الحشو ، لؤلؤيّ الدهن، كوكبيّ اللون ، يذوب كالصمغ قبل المضغ ، ليأكله أبو زيد هنياً.
قال: فوزنه ثم قعد فقعدت، وجرّد وجرّدت، حتى استوفيناه، ثم قلت:
يا أبا زيد ماأحوجنا إلى ماءٍ يشعشع بالثلج ليقمع هذه الصّارة ، ويفثـأ هذه اللقم الحارة ، اجلس يا أبا زيد حتى نأتيك بسقّاء، يأتيك بشربة ماء.
ثم خرجت وجلست بحيث أراه ولا يراني ، أنظر ما يصنع, فلما أبطأت عليه قام السودايّ إلى حماره ، فاعتلق الشوّاء (صاحب المطعم) بإزاره وقال :أين ثمن ما أكلت؟
فقال أبو زيد : أكلته ضيفاً ، فلكمه لكمةً ، و ثنّـى عليه بلطمة ، ثم قال الشوّاء : هاك ! ومتى دعوناك؟
زن يا أخا القحة(الوقاحة) عشرين ، فجعل السودايّ يبكي ويحل عقده بأسنانه ويقول : كم قلت لذاك القريد (تصغير قرد) أنا أبا عبيد ، وهو يقول : أنت أبو زيد ، فأنشدت :
(وبالرغم من أن ألفاظها غريبة إلا أنها في غاية الفكاهة . ومعاني الكلمات قد وضعتها بين قوسين تسهيلاً للقاريء)
المقامة البغدادية لبديع الزمان الهمذاني
" حدثنا عيسى بن هشام قال : اشتهيت الأزاذ (من أجود أنواع التمر في العراق) وأنا ببغداد، وليس معي عَقْـدٌ على نقد، (أي كيس النقود لديه ليس معقود ؛كناية عن نفي النقود ) فخرجت أنتهز محالًّــه بالكرخ(إحدى مناطق بغداد) فإذا بسودايّ (يعني فلاحاً) يسوق بالجهد حماره، ويطرِّف بالعقد إزاره ، فقلت : ظفرنا والله بالصيد ، وحياك الله أبا زيد، من أين أقبلت ؟وأين نزلت ؟ ومتى وافيت؟ وهُـلُــم الى البيت.
فقال السواديّ : لست بأبي زيد،ولكني أبو عبيد.
فقلت : نعم ،لعن الله الشيطان ، وأبعد النسيان ، أنسانيك طول العهد , واتصال البعد ، فكيف حال أبيك؟ أشابّ كعهدي ؟ أم شاب بعدي؟
فقال: قد نبت الربيع على دِمنته (يعني أن قبر والده نبت عليه الربيع فقد مات منذ زمن بعيد! )، وأرجو أن يصيره الله إلى جنته.
فقلت : إنا لله وإنا إليه راجعون ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ، ومددت يد البدار ( المسارعة) إلى الصدّار (قميص يغطي الصدر) أريد تمزيقه ، فقبض السودايّ على خصري بجُـمْعِـه (قبضته)،وقال : نشدك الله لا مزقته.
فقلت : هلم إلى البيت نُصب ْ غذاءً ، أو السوق نشتر شواءً، والسوق أقرب ،وطعامه أطيب، فاستفزته حمة القرم (اشتداد الرغبة في الأكل) وعطفته عاطفة اللقم (الأكل السريع)، وطمع ولم يعلم انه وقع ! ، ثم أتينا شواءً يتقاطر شواؤه عرقاً ، وتتسايل جواذباته (الخبز الذي مع الشواء) مرقاً ، فقلت : افرز لأبي زيد من هذا الشواء ثم زن له من تلك الحلواء، واختر له من تلك الأطباق ، وانضد عليها أوراق الرقاق(الخبز الرقيق)، ورُش عليه شيئاً من السمّاق، ليأكله أبو زيد هنيا، فانحنى الشواء بساطورِه ، على زبدة تنوره (أي أضاف الزبدة إلى التنور) فجعلها كالكحل سحقاً وكالطحن دقاً ، ثم جلس وجلست ، حتى استوفينا (فرغنا من الطعام) ، وقلت لصاحب الحلوى:
زن لأبي زيد من اللوزينج ( نوع من الحلوى يصنع من اللوز) رطلين ، فهو أجرى في الحلوق، وأمضى في العروق، وليكن ليليّ العمر (صنع بالليل) ،يوميَ النشر (نشر في النهار حتى يكون أكثر حلاوة) ، رقيق القشر، كثيف الحشو ، لؤلؤيّ الدهن، كوكبيّ اللون ، يذوب كالصمغ قبل المضغ ، ليأكله أبو زيد هنياً.
قال: فوزنه ثم قعد فقعدت، وجرّد وجرّدت، حتى استوفيناه، ثم قلت:
يا أبا زيد ماأحوجنا إلى ماءٍ يشعشع بالثلج ليقمع هذه الصّارة ، ويفثـأ هذه اللقم الحارة ، اجلس يا أبا زيد حتى نأتيك بسقّاء، يأتيك بشربة ماء.
ثم خرجت وجلست بحيث أراه ولا يراني ، أنظر ما يصنع, فلما أبطأت عليه قام السودايّ إلى حماره ، فاعتلق الشوّاء (صاحب المطعم) بإزاره وقال :أين ثمن ما أكلت؟
فقال أبو زيد : أكلته ضيفاً ، فلكمه لكمةً ، و ثنّـى عليه بلطمة ، ثم قال الشوّاء : هاك ! ومتى دعوناك؟
زن يا أخا القحة(الوقاحة) عشرين ، فجعل السودايّ يبكي ويحل عقده بأسنانه ويقول : كم قلت لذاك القريد (تصغير قرد) أنا أبا عبيد ، وهو يقول : أنت أبو زيد ، فأنشدت :
أعمل لرزقك كل آله لاتقعــدن بكــل حــاله
وانهض بكل عظيمة فالمرء يعجز لا محاله
ومعنى البيتين: إذا كان لابد من أن يصل المرء إلى عجز عن العمل فعليه في زمن القدرة أن ينهض إلى العظائم فينالها ويستوفي حظه منها قبل أن يدركه العجز ويحوطه الحرمان...وانهض بكل عظيمة فالمرء يعجز لا محاله
smart_biochemist- عضو لسه ما سخن
- عدد الرسائل : 7
تاريخ التسجيل : 25/06/2008
رد: مقامة فكاهية
من القبح أن يكون المرء ساذج
والأقبح أن يستغل من هو ساذج
وكم هي جميلة تلك المقامة.....ننتظر المزيد
:lol: :lol: :lol: :lol: :lol:
والأقبح أن يستغل من هو ساذج
وكم هي جميلة تلك المقامة.....ننتظر المزيد
:lol: :lol: :lol: :lol: :lol:
ابنة الجيل الجديد- عضو "ماسي" نفخر به
- عدد الرسائل : 279
المزاج : يا رب رحمتك
مزاجات :
تاريخ التسجيل : 24/06/2008
:: رفه عن نفسك :: لطائف الفكاهة
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الأربعاء نوفمبر 26, 2008 4:28 pm من طرف كونان
» رااائع .. ولكن الأروع !!
الخميس نوفمبر 20, 2008 10:19 am من طرف كونان
» النـــــــــــــــــــــاس
الأربعاء نوفمبر 19, 2008 8:51 pm من طرف ابنة الجيل الجديد
» عيشو معي الأمل من خلال هذه الصور
الأحد نوفمبر 16, 2008 8:33 pm من طرف راجية لرضى الرحمن
» من يحرك السكر ..
الأحد نوفمبر 16, 2008 4:56 pm من طرف كونان
» أجمل ما يتعلمه المرء في الحياة
الأحد نوفمبر 16, 2008 4:52 pm من طرف كونان
» اشراقة من كتاب
الجمعة نوفمبر 14, 2008 7:16 am من طرف راجية لرضى الرحمن
» عشرة أسرار تجذب الأشخاص بإتجاهك
الجمعة نوفمبر 14, 2008 6:56 am من طرف راجية لرضى الرحمن
» الجلسة الصحية أثناء إستخدام الكمبيوتر بالصور
الخميس نوفمبر 13, 2008 5:37 pm من طرف ابنة الجيل الجديد
» هل سمعتم بقصة الشيخ الوقور وركاب القطار؟؟
الخميس نوفمبر 13, 2008 5:29 pm من طرف ابنة الجيل الجديد
» شخصيتك من طريقة ضغطك لمعجون الأسنان...
الخميس نوفمبر 13, 2008 5:14 pm من طرف ابنة الجيل الجديد
» ق.ص.ة’’’’ د.ع.ا.ء
الإثنين نوفمبر 10, 2008 7:55 pm من طرف راجية لرضى الرحمن
» درس الفراشة
السبت نوفمبر 08, 2008 12:35 am من طرف راجية لرضى الرحمن
» حضرت ولله الحمد محاضرة"لو كان بيننا"
الخميس نوفمبر 06, 2008 9:47 pm من طرف بنت الورد
» مفهووم ركاز اتعزيز الاخلاق... *-*
الأربعاء نوفمبر 05, 2008 9:31 pm من طرف ابداااع
» مقال رائع جدا للشيخ علي الطنطاوي رحمه الله
الأربعاء نوفمبر 05, 2008 9:25 pm من طرف ابداااع