الأنتيموان والرهبان....قصة كيميائية

قد يبدو العنوان غريباً للوهلة الأولى ...لكن الغرابة ستزول عندما تعرفون لماذا اخترت هذا العنوان ....
وبدون مقدمات رنانة وعبارات طنانة سندخل في القصة .....

فعندما كان أجدادنا المسلمون في أوج حضارتهم وقمة نهضتهم ينيرون العالم بعلومهم ويبهرون العالم باختراعاتهم ومكتشفاتهم ، دفعهم تمسكهم بإسلامهم إلى إعلاء شأنه ،فوضعوا المصنفات ، ونشروا الكتب وألفوا في العلوم والطب وغيرها ....بينما كان الغرب في تيه "يعني ضياع بالهندي"... وكانوا يرزحون تحت وطأة الجهل والتخلف ... قابعين في ظلمات كالحة و دياجير مدلهمة "ترى يعجبني هذا التعبير "...
فلم يكن يشغل بالهم ويقض مضاجعهم ويستولي على أدمغتهم الغليظة الملساء سوى فكرة تحويل المعادن البخسة إلى ذهب ....
ولم يكن هناك من سبيل لذلك"أي لتحويل المعادن إلى ذهب" سوى استخدام حجر الفلاسفة !!!
ولكن ما هو حجر الفلاسفة هذا ؟؟؟؟
في الواقع لم يكن أحد يعلم ماهية هذا الحجر المزعوم ولم يكن يُعرف عنه إلا أنه حجر شفاف .....
وتـفتـقت هنا عبقرية أهل الغرب في وضع النظريات المضحكة حول الحصول على هذا الحجر .. وراح الجميع يعملون باحثين عن هذا الحجر ... فأصبح النجار والحداد والحانوتي والإسكافي والجزار جميعاً كيميائيين ...
ولم يستثن هذا الأمر حتى الرهبان المنعزلين في الأديرة ومنهم الراهب ليوناردوس رئيس الرهبان في دير "شتالهاوزن" في بفاريا ...
فقد رمى هذا الراهب صليبه الخشبي جانباً ونسي أحلامه بيوم خلاصه وراح يجري تجاربه في الدير الواحدة تلو الأخرى ويحقق أرقاماً جديدة في الفشل .....أما سبب الفشل في اعتقاده فكان.. الأرواح الشريرة!!!! "غبييييييييييييييييييي"
وفي يوم من الأيام طرأت على ذهنه الغليظ الذي نسج عليه العنكبوت بيتاً فكرة خطيرة.......وأضاء فانوس أفكاره"بدل اللمبة اليوم" وقال لنفسه:
لماذا لا أقوم بتحميص رماد ذلك المتهرطق"الذي خالف تعاليم الكنيسة" مع رماد القطة التي شنقت إلى جانبه مع التراب الذي حرقا فوقه"وما أدري ما هو ذنب القطة..لكنها شنقت وحرقت مع المتهرطق " !!
فكرة فظيعة ... سيمزج رماد المتهرطق مع رماد القطة مع التراب الذي حرقا فوقه .... طبعاً هكذا كان التفكير العلمي في أوروبا في القرون الوسطى...
على كل فعلاً جمع الراهب الرمادين والتراب وقام بتحميص هذه المواد معاً فحصل على كتلة ذات بريق معدني ووزن ثقيل ..
طبعاً فإن الراهب انزعج كثيراً لأنه لم يحصل على حجر شفاف ... وأخذ هذا الحجر الذي حصل عليه ورماه في إحدى زوايا الدير ...
وبعد حوالي أسبوعين لاحظ ملاحظة غريبة ... فقد لاحظ أن حيوانات الدير " أجلكم الله " كانت تلعق هذا الحجر بنهم شديد ، وتذكر أن أوزان هذه الحيوانات ازدادت كثيراً في الآونة الأخيرة .... وهنا لمعت في ذهنه فكرة أخرى ...
أكيد أن هذا الحجر قد تسبب في زيادة أوزان الحيوانات ... إذاً إذا أضفت منه إلى طعام أولئك الرهبان الهزالى المساكين فإنهم سيسمنون ونوفر بعض المصاريف على الدير ...
ولم يضيع ليوناردوس وقته فقام بطحن الحجر إلى مسحوق ناعم ، ثم قام برش بعض هذه البهارات السحرية على طعام الفطور الصباحي للرهبان في اليوم التالي ....
وفي صباح اليوم الذي يليه نفِق في دير شتالهاوزن في بفاريا وبعد معناة مريرة من الآلام المبرحة أربعون راهباً من رهبان الدير " أي جميع رهبان الدير" ..
وهنا أدرك ليوناردوس خطأه الفظيع الذي أودى بحياة زملائه وأقسم ألا يعود للكيمياء مجدداً ...واطلق على هذا الحجر اسم الأنتيموان (أو الأنتيمون)باللاتينية وتعني المضاد للرهبان ...
وبالنسبة له طبعاً هو ضامن الجنة لأن معه صك غفران .. بس راحت على بقية الرهبان....
وبعد عشرات السنين تمت معرفة سبب موت الرهبان وما قام به ليوناردوس حيث أن تحميص تراب بفاريا مع الرماد أدى إلى اختزال فلز الأنتموان شديد السمية " من نفس فصيلة الزرنيخ" حيث إن التراب في تلك المنطقة كان يحتوي على نسبة عالية من هذا الفلز....
أرجو ان تكون القصة أعجبتم....
منقوووووووووووووووووووووول