أسماء كلمة التوحيد(لاإله إلا الله)
3 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
أسماء كلمة التوحيد(لاإله إلا الله)
لكلمة التوحيد 24 اسم كتبت لكم اليوم اثنين مع الشرح وأعدكم أن أكملها لكم بإذن الله
الأول : كلمة التوحيد
وذلك لأنها تدل على نفي الشرك على الإطلاق . وفائدة قولنا على الإطلاق أنه تعالى لما قال:"وإلهكم إله واحد" (البقرة 163), أمكن أن يخطر ببال أحد أن يقول : إن إلهنا إله واحد فلعل إله غيرنا مغاير لإلهنا. فالله تعالى أزال هذا التوهم ببيان التوحيد المطلق فقال " لاإله إلا هو"(البقرة 163). وذلك لأن قولنا لا رجل في الدار يقتضي نفي الماهية ومتى انتفت الماهية انتفى جميع أفرادها, إذ لو حصل فرد من أفراد تلك الماهية لحصلت تلك الماهية لأن كل فرد من أفراد تلك الماهية يشتمل على الماهية وإذا وجدت الماهية فإن ذلك يناقض نفي الماهية , فثبت أن قولنا لارجل في الدار يفيد النفي العام الشامل, فإذا قيل بعد ذلك إلا زيدا أفاد التوحيد العام الكامل. ثم اعلم أن لهذا ثمرتين:
• الأولى: أن جوهر الإنسان خلق في الأصل مشرفا مكرما قال تعالى"ولقد كرمنا بني آدم"(الإسراء 70). فإذا كان اللأصل فيه كونه مكرما, كان كونه مطهرا على وفق الأصل, وكونه منجسا على خلاف الأصل, ثم إنا رأينا الإنسان متى أشرك صار نجسا, بدليل قوله تعالى"إنما المشركون نجس" التوبة28 .فإذا كان الشرك يقتضي كونه نجسا مع ذلك على خلاف الأصل, فكونه موحدا بأن يقتضي كونه طاهرا أولى, لأنه على وفق الأصل. وإذا ثبت أن الموحد الكامل في كونه طاهرا وجب أن يكون من خواص الله تعالى لقوله"والطيبات للطيبين والطيبون للطيبات"(النور26).
• الثانية: أن الشرك سبب لخراب العالم, بدليل قوله تعالى"تكاد السماوات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدا أن دعوا للرحمن ولدا"(مريم91-90). وإذا كان الشرك سببا لخراب العالم وجب أن يكون التوحيد سببا لعمارة العالم ضرورة كون الضدين مختلفين في الحكم فإذا ثبت أن كلمة التوحيد سبب لعمارة العالم فأولى أن تكون سببا لعمارة القلب الذي هو محل الوحدانية ولعمارة اللسان الذي هو محل ذكر الوحدانية وذلك يناسب عفو الله عن أهل التوحيد.
الاسم الثاني: كلمة الاخلاص:
إن هذه الكلمة تسمى كلمة الاخلاص, ثم التحقيق فيه :أن كل شيء يتصور أن يشوبه غيره فإذا صفا عن شوبه وخلص لله سمي خالصا وسمي الفعل إخلاصا. ولا شك أن من أتى بفعل اختياري فلابد له في ذلك الفعل من غرض, فمتى ماكان الغرض في الفعل واحدا, سمي هذا الفعل إخلاصا. فمن تصدق وكان غرضه محض الرياء فهو غير مخلص, ومن كان غرضه محض التقرب إلى الله فهو مخلص, ولكن العادة جارية بتخصيص اسم الإخلاص بتجريد قصد التقرب إلى الله تعالى عن جميع الشوائب, كما أن الإلحاد هو الميل , ولكن خصصه العرف بالميل عن الحق. فإذا عرفت هذا فنقول: الباعث على الفعل إما أن يكون روحانيا فقط وهو الإخلاص, أوشيطانيا فقط وهو الرياء, أو مركبا منهما وهو على ثلاثة أقسام لأن الطرفين إما أن يكونا على سوية أو يكون الروحاني أقوى أو يكون النفساني أقوى.
• القسم الأول: وهو أن يكون الباعث روحانيا فقط وهذا لايتصور إلا من محب لله مستغرق الهم به, بحيث لم يبق لحب الدنيا في قلبه مقر, حتى لا يحب الأكل والشرب, بل تكون رغبته فيه كرغبته في قضاء الحاجة, من حيث أنه ضرورة الجبلة. فلذلك لا يشتهي الطعام لأنه طعام, بل لأنه يقويه على عبادة الله. فمثل هذا الشخص إذا أكل أو شرب أو قضى حاجته كان خالص العمل في جميع حركاته وسكناته, ولو نام مثلا لتستريح نفسه فتقوى على عبادة الله كان نومه أيضا عبادة.
• القسم الثاني: وهو أن يكون الباعث نفسانيا فهذا لا يتصور إلا من محب للنفس والدنيا مستغرق الهم بهما, بحيث لم يبق لحب الله في قلبه مقر. وكما أنه في القسم الأول لما غلب حب الله وحب الآخرة على قلبه , اكتسب بحركاته الاختيارية هذه الصفة, فكذلك من غلب على قلبه حب النفس والدنيا اكسبت جميع افعاله تلك الصفة, فلا يسلم له شيء من عبادته, وهذان القسمان لا يخفى حكمهما في الثواب والعقاب.
• وأما الأقسام الثلاثة الباقية فنقول:
أماالذي يظهر فيه الباعثان متساويان فالأظهر أنهما يتعارضان ويتناقضان فيصير ذلك العمل لا له ولا عليه, وأما الذي يكون أحد الطرفين فيه أغلب, فينحط منه مايساوي الطرف الآخر, وتبقى الزيادة موجبة أثرها اللائق بها, وذلك هو المراد بقوله تعالى"فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره"(الزلزلة8-7).وقوله"إن الله لا يظلم مثقال ذرة"(النساء40).
وتمام التحقيق فيه : أن الأعمال لها تأثيرات في القلب فإذا خلا المؤثر عن المعارض خلا الأثر عن المضعف, وإذا كان المؤثر مقرونا بالمعارض, فإن تساويا تساقطا, وإن كان أحدهما أغلب فلا بد وأن يحصل في الزائد بمقدار الناقص, فيحصل التساوي بينهما, أو يحصل التساقط ويبقى القدر الزائد خاليا عن المعارض, فيؤثر لامحالة أثرا ما, وكما لايخلو مثقال ذرة من الطعام والشراب عن أثر في الجسد, فكذلك لا يخلومثقال ذرة من الخير والشر عن أثر في التقريب من باب الله تعالى أو البعد منه. فإذا جاء بما يقربه شبرا مع مايبعده شبرا فقد عاد إلى ماكان عليه, لا له ولا عليه. وإذا كان أحد الفعلين مما يقربه شبرين والفعل الثاني مما يبعده شبرا واحدا اقترب لا محالة شبرا إلى الله.
واحتج من زعم أن المشوب لا ثواب عليه بوجهين:
• الحجة الأولى: ماروي أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم عمن يصنع المعروف ثم يحب أن يحمد عليه ويؤجر, فلم يدر ما يقول حتى نزل"فمن كان يرجو لقاء الله فليعمل عملا صالحا ولايشرك بعبادة ربه أحدا"(الكهف110).
• الحجة الثانية: ماروى أبوهريرة رضي الله عنه أنه عليه السلام قال لمن أشرك في عمله أحدا"خذ أجرك ممن عملت له". عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الله يقول" أنا أغنى الأغنياء عن الشرك, من عمل عملا أشرك فيه غيري , تركته وشركه".
والجواب عن الحجة الأولى أنها محمولة على ما إذى أتى بالعمل لغرض الدنيا فقط.
والجواب عن الثانية: أن لفظ الشرك محمول على تساوي الداعيين, وقد بينا أنه عند التساوي ينحبط كل واحد منهما بالآخر.
إذا عرفت هذه المقدمة فنقول: كلمة لاإله إلا الله, مسماة بكلمة الإخلاص , وذلك أن الأصل في هذه الكلمة عمل القلب, وهو كون الإنسان عارفا بقلبه وحدانية الله تعالى, وهذه المعرفة الحاصلة بالقلب مستحيل أن يأتي بها لغرض آخر سوى طاعة الله وحبه وعبوديته, فهذه المعرفة إن طلبت ظلت لوجهه تعالى, لا لغرض آخر البتة’ بخلاف سائر الطاعات البدنية, فإنها كما يؤتى بها لتعظيم الله, قد يؤتى بها لسائر الأغراض العاجلة من الدنيا, وطلب المدح والثناء, فلهذا السبب سميت هذه الكلمة بكلمة الاخلاص.
من كتاب عجائب القرآن للإمام فخر الدين الرازي
الأول : كلمة التوحيد
وذلك لأنها تدل على نفي الشرك على الإطلاق . وفائدة قولنا على الإطلاق أنه تعالى لما قال:"وإلهكم إله واحد" (البقرة 163), أمكن أن يخطر ببال أحد أن يقول : إن إلهنا إله واحد فلعل إله غيرنا مغاير لإلهنا. فالله تعالى أزال هذا التوهم ببيان التوحيد المطلق فقال " لاإله إلا هو"(البقرة 163). وذلك لأن قولنا لا رجل في الدار يقتضي نفي الماهية ومتى انتفت الماهية انتفى جميع أفرادها, إذ لو حصل فرد من أفراد تلك الماهية لحصلت تلك الماهية لأن كل فرد من أفراد تلك الماهية يشتمل على الماهية وإذا وجدت الماهية فإن ذلك يناقض نفي الماهية , فثبت أن قولنا لارجل في الدار يفيد النفي العام الشامل, فإذا قيل بعد ذلك إلا زيدا أفاد التوحيد العام الكامل. ثم اعلم أن لهذا ثمرتين:
• الأولى: أن جوهر الإنسان خلق في الأصل مشرفا مكرما قال تعالى"ولقد كرمنا بني آدم"(الإسراء 70). فإذا كان اللأصل فيه كونه مكرما, كان كونه مطهرا على وفق الأصل, وكونه منجسا على خلاف الأصل, ثم إنا رأينا الإنسان متى أشرك صار نجسا, بدليل قوله تعالى"إنما المشركون نجس" التوبة28 .فإذا كان الشرك يقتضي كونه نجسا مع ذلك على خلاف الأصل, فكونه موحدا بأن يقتضي كونه طاهرا أولى, لأنه على وفق الأصل. وإذا ثبت أن الموحد الكامل في كونه طاهرا وجب أن يكون من خواص الله تعالى لقوله"والطيبات للطيبين والطيبون للطيبات"(النور26).
• الثانية: أن الشرك سبب لخراب العالم, بدليل قوله تعالى"تكاد السماوات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدا أن دعوا للرحمن ولدا"(مريم91-90). وإذا كان الشرك سببا لخراب العالم وجب أن يكون التوحيد سببا لعمارة العالم ضرورة كون الضدين مختلفين في الحكم فإذا ثبت أن كلمة التوحيد سبب لعمارة العالم فأولى أن تكون سببا لعمارة القلب الذي هو محل الوحدانية ولعمارة اللسان الذي هو محل ذكر الوحدانية وذلك يناسب عفو الله عن أهل التوحيد.
الاسم الثاني: كلمة الاخلاص:
إن هذه الكلمة تسمى كلمة الاخلاص, ثم التحقيق فيه :أن كل شيء يتصور أن يشوبه غيره فإذا صفا عن شوبه وخلص لله سمي خالصا وسمي الفعل إخلاصا. ولا شك أن من أتى بفعل اختياري فلابد له في ذلك الفعل من غرض, فمتى ماكان الغرض في الفعل واحدا, سمي هذا الفعل إخلاصا. فمن تصدق وكان غرضه محض الرياء فهو غير مخلص, ومن كان غرضه محض التقرب إلى الله فهو مخلص, ولكن العادة جارية بتخصيص اسم الإخلاص بتجريد قصد التقرب إلى الله تعالى عن جميع الشوائب, كما أن الإلحاد هو الميل , ولكن خصصه العرف بالميل عن الحق. فإذا عرفت هذا فنقول: الباعث على الفعل إما أن يكون روحانيا فقط وهو الإخلاص, أوشيطانيا فقط وهو الرياء, أو مركبا منهما وهو على ثلاثة أقسام لأن الطرفين إما أن يكونا على سوية أو يكون الروحاني أقوى أو يكون النفساني أقوى.
• القسم الأول: وهو أن يكون الباعث روحانيا فقط وهذا لايتصور إلا من محب لله مستغرق الهم به, بحيث لم يبق لحب الدنيا في قلبه مقر, حتى لا يحب الأكل والشرب, بل تكون رغبته فيه كرغبته في قضاء الحاجة, من حيث أنه ضرورة الجبلة. فلذلك لا يشتهي الطعام لأنه طعام, بل لأنه يقويه على عبادة الله. فمثل هذا الشخص إذا أكل أو شرب أو قضى حاجته كان خالص العمل في جميع حركاته وسكناته, ولو نام مثلا لتستريح نفسه فتقوى على عبادة الله كان نومه أيضا عبادة.
• القسم الثاني: وهو أن يكون الباعث نفسانيا فهذا لا يتصور إلا من محب للنفس والدنيا مستغرق الهم بهما, بحيث لم يبق لحب الله في قلبه مقر. وكما أنه في القسم الأول لما غلب حب الله وحب الآخرة على قلبه , اكتسب بحركاته الاختيارية هذه الصفة, فكذلك من غلب على قلبه حب النفس والدنيا اكسبت جميع افعاله تلك الصفة, فلا يسلم له شيء من عبادته, وهذان القسمان لا يخفى حكمهما في الثواب والعقاب.
• وأما الأقسام الثلاثة الباقية فنقول:
أماالذي يظهر فيه الباعثان متساويان فالأظهر أنهما يتعارضان ويتناقضان فيصير ذلك العمل لا له ولا عليه, وأما الذي يكون أحد الطرفين فيه أغلب, فينحط منه مايساوي الطرف الآخر, وتبقى الزيادة موجبة أثرها اللائق بها, وذلك هو المراد بقوله تعالى"فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره"(الزلزلة8-7).وقوله"إن الله لا يظلم مثقال ذرة"(النساء40).
وتمام التحقيق فيه : أن الأعمال لها تأثيرات في القلب فإذا خلا المؤثر عن المعارض خلا الأثر عن المضعف, وإذا كان المؤثر مقرونا بالمعارض, فإن تساويا تساقطا, وإن كان أحدهما أغلب فلا بد وأن يحصل في الزائد بمقدار الناقص, فيحصل التساوي بينهما, أو يحصل التساقط ويبقى القدر الزائد خاليا عن المعارض, فيؤثر لامحالة أثرا ما, وكما لايخلو مثقال ذرة من الطعام والشراب عن أثر في الجسد, فكذلك لا يخلومثقال ذرة من الخير والشر عن أثر في التقريب من باب الله تعالى أو البعد منه. فإذا جاء بما يقربه شبرا مع مايبعده شبرا فقد عاد إلى ماكان عليه, لا له ولا عليه. وإذا كان أحد الفعلين مما يقربه شبرين والفعل الثاني مما يبعده شبرا واحدا اقترب لا محالة شبرا إلى الله.
واحتج من زعم أن المشوب لا ثواب عليه بوجهين:
• الحجة الأولى: ماروي أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم عمن يصنع المعروف ثم يحب أن يحمد عليه ويؤجر, فلم يدر ما يقول حتى نزل"فمن كان يرجو لقاء الله فليعمل عملا صالحا ولايشرك بعبادة ربه أحدا"(الكهف110).
• الحجة الثانية: ماروى أبوهريرة رضي الله عنه أنه عليه السلام قال لمن أشرك في عمله أحدا"خذ أجرك ممن عملت له". عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الله يقول" أنا أغنى الأغنياء عن الشرك, من عمل عملا أشرك فيه غيري , تركته وشركه".
والجواب عن الحجة الأولى أنها محمولة على ما إذى أتى بالعمل لغرض الدنيا فقط.
والجواب عن الثانية: أن لفظ الشرك محمول على تساوي الداعيين, وقد بينا أنه عند التساوي ينحبط كل واحد منهما بالآخر.
إذا عرفت هذه المقدمة فنقول: كلمة لاإله إلا الله, مسماة بكلمة الإخلاص , وذلك أن الأصل في هذه الكلمة عمل القلب, وهو كون الإنسان عارفا بقلبه وحدانية الله تعالى, وهذه المعرفة الحاصلة بالقلب مستحيل أن يأتي بها لغرض آخر سوى طاعة الله وحبه وعبوديته, فهذه المعرفة إن طلبت ظلت لوجهه تعالى, لا لغرض آخر البتة’ بخلاف سائر الطاعات البدنية, فإنها كما يؤتى بها لتعظيم الله, قد يؤتى بها لسائر الأغراض العاجلة من الدنيا, وطلب المدح والثناء, فلهذا السبب سميت هذه الكلمة بكلمة الاخلاص.
من كتاب عجائب القرآن للإمام فخر الدين الرازي
عدل سابقا من قبل راجية لرضى الرحمن في الإثنين يوليو 28, 2008 8:37 pm عدل 1 مرات
راجية لرضى الرحمن- عضو "ماسي" نفخر به
- عدد الرسائل : 206
العمر : 36
المزاج : متلخبط
مزاجات :
تاريخ التسجيل : 24/06/2008
رد: أسماء كلمة التوحيد(لاإله إلا الله)
جزاك الله ألف خير
فعلا موضوع قيم
أنا بانتظار البقية
أود أن أطلب منك تعديل الكلمة الملونة في الآية أن تضعي الراء وتصبح للرحمن
وجزيتي خيرا على مجهودك الرائع
فعلا موضوع قيم
أنا بانتظار البقية
قوله تعالى"تكاد السماوات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدا أن دعوا للحمن ولدا"(مريم91-90)
أود أن أطلب منك تعديل الكلمة الملونة في الآية أن تضعي الراء وتصبح للرحمن
وجزيتي خيرا على مجهودك الرائع
mercury- عضو ذهبي حييوه
- عدد الرسائل : 181
العمر : 37
المزاج : الله يهديه يارب
مزاجات :
تاريخ التسجيل : 24/06/2008
رد: أسماء كلمة التوحيد(لاإله إلا الله)
أسأل الله أن لا يحرمك الأجر وأن يجعله في موازين حسناتك
نحتاج بقوة لمعرفة هذه التفاصيل لأنه بلا شك كلما زاد العلم زادت الخشية و الإقتراب من الله عز وجل
ننتظر ما تبقى
جزاك الله الفردوس الأعلى بلا حساب
نحتاج بقوة لمعرفة هذه التفاصيل لأنه بلا شك كلما زاد العلم زادت الخشية و الإقتراب من الله عز وجل
ننتظر ما تبقى
جزاك الله الفردوس الأعلى بلا حساب
ابنة الجيل الجديد- عضو "ماسي" نفخر به
- عدد الرسائل : 279
المزاج : يا رب رحمتك
مزاجات :
تاريخ التسجيل : 24/06/2008
رد: أسماء كلمة التوحيد(لاإله إلا الله)
وجزيتن خيرا أيضا
ولكن مثل ذلك إن شاء الله وزيادة
وهذه ستة أسماء اخرى لنصل بذلك إلى الاسم الثامن والبقية تاتي إن شاء الله
الاسم الثالث: كلمة الاحسان
ويدل على صحة هذه التسمية القرآن والخبر المعقول. أما القرآن فآيات إحداها
"هل جزاء الإحسان إلا الإحسان" (الرحمن 60). قال المفسرون المراد من قوله(هل جزاء الإحسان) هل جزاء الإيمان. والتحقيق فيه: أن عليك عهد العبودية, وعلى كرمه عهد الربوبية, كما قال تعالى: (وأوفوا بعهدي أوفِ بعهدكم) (البقرة 40). وعهد عبوديتك :أن تكو نعبد له لا لغيره. ثم كمال هذه الدرجة : أن تعرف أن كل ما سوى الله فهو عبد له, كما قال : (إن كل من في السماوات والأرض إلا آتي الرحمن عبدا)(مريم 93).
ومن أتى بالفعل على أحسن الوجوه كان محسنا فيه. وقوله :لاإله إلا الله, يدل على اعترافه بأن كل ماسواه فهو عبده ومربوبه. فثبت أن قول لاإله إلا الله, إحسان من العبد, فقوله: (هل جزاء الإحسان إلا الإحسان) أي: هل جزاء من أتى بقول "لاإله إلا الله" إلا أن أجعله في حماية لاإله إلا الله.
والثانية قوله تعالى: (للذين أحسنوا الحسنى وزيادة) (يونس 26) والمراد من قوله "للذين أحسنوا" هو: قول "لاإله إلا الله" باتفاق أهل التفسير. وبدليل أنه لو قال ذلك ومات لم يتفرغ لعمل آخر دخل الجنة.
وثالثها قوله: (ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا) (فصلت 33). واتفقوا على أن هذه الآية نزلت في فضيلة الأذان, وماذاك إلا لاشتمال الأذان على كلمة"لاإله إلا الله". وأيضا فإنه تعالى قال في صفة الكافرين : "ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا" العنكبوت 68. فكما أنه لاقبيح أقبح من كلمة الكفر, لا حسن أحسن من كلمة التوحيد, ولهذا قال تعالى في اول سورة المؤمنين: (قد أفلح المؤمنون)(المؤمنون 1). وقال في آخر السورة: (إنه لا يفلح الكافرون). (المؤمنون 117).
ثم إنه لما كان قول الموحد حسنا كان مقيله حسنا, كما قال تعالى: (أصحاب الجنة يومئذ خير مستقرا وأحسن مقيلا)(الفرقان 24).ولما كان قول الكافر قبيحا كان مقيله أيضا مظلما: (والذين كفروا اوليائهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات) (البقرة 257).
ورابعها قوله تعالى(الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه)
الزمر 18. ولا شك أن أحسن القول"لاإله إلا الله".
وخامسها قوله تعالى: (إن الله يأمر بالعدل والإحسان) (النحل 90). قيل العدل: الإعراض عما سوى الله تعالى, والإحسان :الإقبال على الله تعالى.
وسادسها قوله تعالى: (إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم) (الإسراء 7). ولا شك أن الإحسان قول"لاإله إلا الله".
وأما الخبر فما روى أبوموسى الأشعري قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم("للذين أحسنوا الحسنى وزيادة" للذين قالوا لاإله إلا الله الحسنى وهي الجنة, والزيادة هي النظر إلى وجهه الكريم).
وأما المعقول فهو : أنه كلما كان الفعل حسنا كان فاعله أكثر إحسانا, ولا شك أن أحسن الأذكار "لاإله إلا الله" وأحسن المعارف معرفة "لاإله إلا الله" وإذا كان كذلك كانت هذه المعرفة وهذا الذكر إحسانا.
الاسم الرابع: دعوة الحق.
قال الله تعالى في سورة الرعد: (له دعوة الحق) (الرعد14). قال ابن عباس :هو قول "لاإله إلا الله". واعلم أن قوله تعالى: (له دعوة الحق). يفيد الحصر, ومعناه: له هذه الدعوة لا لغيره, كما أن قوله تعالى: (لكم دينكم ولي دين) (الكافرون6). معناه: لكم دينكم لا لغيركم, ولي ديني, وتحقيق الكلام في إثبات هذا الحصر: أن الحق نقيض الباطل, فالحق هو الموجود, والباطل هو المعدوم, فلما كان الحق سبحانه وتعالى حقا في ذاته وبذاته وصفاته. وكان ممتنع التغير في حقيقته, كانت معرفته هي المعرفة الحقة, وذكره هو الذكر الحق, والدعوة إليه هي الدعوة الحقة.
أما كل ماسواه فهو ممكن لذاته, ومن لا يكون حقا لذاته, فلا تكون معرفته واجبة التحقيق, ولا ذكره ولا الدعوة إليه. وإذا ثبت هذا ظهر تحقيق قوله تعالى: (له دعوة الحق).
واعلم أن دعوة الحق تارة تكون من الحق للخلق إلى الحق, وتارةتكون من الخلق للخلق للحق.
أما الأول فنقول: أما أن دعوة الحق تكون من الحق, فلاأنه تعالى هو الذي دعا القلوب إلى توحيده, فلولا دعوته تلك إلى الوحدانية, وتوفيقه في ذلك ماكان الوصول , وإلا فمن أين يتمكن العقل البشري من الوصول إلى معرفة الله تعالى.
وأيضا فلأن مبادئ الحركات وأوائل المحدثات تنتهي إلى قدرة الله تعالى وقضائه وقدره, ولهذا المعنى قال الله تعالى: (لله الأمر من قبل ومن بعد) (الروم4).
وأما أن تلك الدعوة للخلق فلقوله تعالى : (لمن الملك اليوم)(غافر 16). وأما النتهاء إلى الحق فلقوله تعالى"وأن إلى ربك المنتهى"(النجم 42).
وأما أن دعوة الحق تارة تكون من الخلق فلقوله تعالى: "ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله" (فصلت 33). ولقوله: (إننا سمعنا مناديا ينادي للإيمان) (آل عمران 193 ).
الاسم الخامس: كلمة العدل.
قال الله تعالى " إن الله يأمر بالعدل والإحسان"(النحل90). العدل: شهادة ألا إله إلا الله, والإحسان القيام بالعبودية.
وقال ابن عباس: العدل: شهادة ألاإله إلا الله,والإحسان الإخلاص فيه.
وقال آخرون: العدل مع الناس بالرعاية, والإحسان مع نفسك بالطاعة.
قال تعالى:"إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم"(الإسراء 7).
وقال آخرون: العدل مع الأعضاء والإحسان مع القلب.
وقال آخرون: العدل: رؤية الافتقار إلى الحق, والإحسان: مشاهدة الحق إلى كل شيء في الخلق.
واعلم أن السبب في تسمية هذه الكلمة بكلمةالعدل وجوه:
• الأول: أن العدل في كل شيء : تحصيل ماهو سبب اعتداله,وكمال حاله. ومن المعلوم أن كمال القوى الحساسة في إدراك المحسوسات, وكمال القوى الشهوانية في طلب الأشياء النافعة الجسمانية, وكمال القوى الغضبية في دفع الأشياء الجسمانية المنافية, وأما القوى العقلية وكمال حالها, وغاية سعادتها, فبأن ترسم فيها صور الحقائق, وأشباه المعقولات كما هي, حتى تصير القوى العقلية كالمرآة التي تتجلى فيها صورة الوجود بتمامها. ولا شك أن أشرف المعقولات وأعلاها: معرفة جلال الله وقدسه وعظمته وعزته, فكان غاية المعقول, واعتدال الأرواح البشرية, والقوى العقلية: كونها مقبلة على هذه الحالة, مستغرقة فيها. فلهذا السبب سميت كلمة لاإله إلا الله كلمة العدل.
• الثاني: أن هذه الكلمةإما سميت بكلمة العدل لأن معرفة الله متوسطة بين الإفراط الذي هو التشبيه, وبين التفريط الذي هو التعطيل. فمن بالغ في الإثبات وقع في التشبيه ومن بالغ في النفي وقع في التعطيل, والحق هو طريق الاعتدال بين هذين الطرفين المتباينين.
• الثالث: من ترك النظر والاستدلال في معرفة الله تعالى,وعدل على الطريقة التي ألفها بحثه وخياله, وقع في الضلال. ومن توغل في البحث وأراد الوصول إلى كنه العظمة, وهوية الجلال, وتحير وتردد,بل عمي, فإن نور الجلال الإلهية مما يعمي أحداق العقول البشرية, فصار هذان الطرفان مذمومين. والطريق المستقيم هو: أن يخوض الإنسان البحر المعتدل في البحث, ويترك التعمق, وإلى هذا أشار عليه السلام بقوله:"تفكروا في الخلق, ولا تتفكروا في الخالق".
فهذه هي الوجوه التي لأجلها سميت كلمة لاإله إلا الله كلمة العدل.
فإن قيل: كيف أمر الله تعالى بالعدل في بحر التوحيد, وقد قال تعالى" لن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم"(النساء 129). فمن يعجز عن العدل في حق النساء فهل يقدر على العدل في معرفة الأحد الصمد؟
فالجواب: أنه تعالى أظهر عجزك في الضعيف, وأقدرك على الشريف, لتعرف ان الكل منه سبحانه وتعالى.
الاسم السادس: الطيب.
قال الله تعالى في سورة الحج"وهدوا إلى الطيب من القول" (الحج24). وأي كلمة توجد أطهر وأطيب من هذه الكلمة وقد قال تعالى:"إنما المشركون نجس"التوبة 28 . ثم غن النجاسة الحاصلة بسبب الكفر سبعين سنة تزول بسبب ذكر هذه الكلمة مرة واحدة.
وتحقيق القول فيه : أن الطيب هو اللذيذ. واللذة: هي إدراك الملائم. وقد بينا أن الملائم للقوى الحساسة :إدراك المحسوسات, والملائم للقوى الشهوانية: جلب النافع الجسماني وللقوة الغضبيةدفع المنافي الجسماني, وأما الملائم للقوى العقلية فهو إدراك جلال الله وقدسه وعظمته وعزته. إذا عرفت هذا فنقول : إدراك القوة العاقلة أقوى من إدراك القوة الحساسة, وسيأتي شرح هذا فيما بعد إن شاء الله تعالى, وأما مدركات القوى الحساسة فهي الأعراض القائمة بالأجسام الكائنة الفاسدة , ومدرك القوى العاقلة هي: ذات الله تعالى وعظمته وجلاله.وظاهر أنه كلما كان الإدراك أقوى والمدرك أشرف كانت اللذة الحاصلة بسبب الإدراك أشرف وأعلى.
فعلى هذا نسبة اللذة العقلية إلى اللذة الحسية في الشرف والقوة كنسبة الإدراك العقلي إلى الإدراك الحسي, وكنسبة ذات الله تعالى وصفاته في الشرف والتعالي إلى الأعراض القائمة بالأجسام. وكما أنه لا نهاية للنسبة الحاصلة بين هذين الإدراكين وبين هذين المدركين, فكذلك لا نهاية للنسبة الحاصلة بين اللذات العقلية الحاصلة بسبب إدراك جلال الله تعالى وبين اللذات الحاصلة بسبب الروائح والطعوم وسائر المحسوسات.
وإذا عرفت هذا ظهر أن الطيب المطلق هو :معرفة لاإله إلا الله, وذكر لاإله إلا الله, والاستغراق في أنوار جلال لا إله إلا الله, فلهذا السبب قال تعالى:"وهدوا إلى الطيب من القول" والمراد منه كلمة"لاإله إلا الله.
والألف واللام في لفظة الطيب للاستغراق-كأنه تعالى ينبه إلى أنه لا لذيذ ولا طيب إلا هذا, وذلك هو الحق, لأنا بينا أن أطيب المحسوسات بالنسبة إلى طيب هذه الحالة عدم محض, فذلك بين بحرف الاستغراق أن كل طيب ليس إلا ذاك.
الاسم السابع: الكلمة الطيبة.
قال الله تعالى:"ألم تر كيف ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء"(إبراهيم 24). اختلفوا في أنه تعالى لما سماها كلمة طيبة على وجوه:
• الأول: أنها طيبة بمعنى أنها طاهرة عن التشبيه والتعطيل, ولكنها متوسطة بينهما, مباينة لكل واحدة منهما. كما أن اللبن خارج من بين الفرث والدم وهو مبرأ عنهما مصفى عن شائبة كل واحد منهما.
• الثاني: أنها طيبة بمعنى أن صاحبها يكون طيب الاسم في الدنيا طيب المسكن في العقبى, أما طيب اسمه فلقوله تعالى" والطيبات للطيبين"(النور26). وأراد به المؤمنين والمؤمنات. وأما طيب المسكن فلقوله"مساكن طيبة في جنات عدن"(التوبة 72).
• الثالث: أنها طيبة بمعنى أنها مقبولة يقبها الله تعالى, وتصعد إليه, كما قال تعالى: "إليه يصعد الكلم الطيب "(فاطر10). قالوا: والسبب في أن هذه الكلمة تصعد إلى الله بذاتها : أنها طيبة. وقال عليه السلام:"إن الله طيب لا يقبل إلا الطيب". وتمام التحقيق فيه : أن العقل والروح عاشقان على التحلي والمعرفة والمكاشفة على ماسبق تقريره بالبرهان, والمعرفة مجذوبة إلى المعروف وإذا تصاعد العرفان غلى المعروف- والعارف ملازم للعرفان- انجذب العارف إلى المعروف وصعد إليه. فذلك هو المراد من قوله: "إليه يصعد الكلم الطيب" فإن قيل: قال المفسرون: الشجرة الطيبة هي النخلة. فما السبب في تشبيه كلمة التوحيد بالنخلة؟
فالجواب عنه من وجوه:
1. الأول:أن شجرة النخلة لاتنبت في جميع البلدان بل في البعض دون البعض فكذلك كلمة التوحيد لاتجري على كل لسان ومعرفة التوحيد لا تحصل في كل قلب.
2. الثاني: أن النخلة أطول الأشجار وكذا كلمة التوحيد اعلى الكلمات.
3. الثالث: أن الشجرة الطيبة ثابتة في الأرض وفروعها في السماء فكذا اصل الكلمة الطيبة ثابتة في القلب وهو المعرفة وفرعها ثابت في السماء"إليه يصعد الكلم الطيب".
4. الرابع: أن النخلة تحمل كل سنة مرتين فكذلك الإيمان يحمل في الدنيا مرة فيثاب المؤمن لاجل غيمانه بأهلية الشهادة والولاية والأمانة. ومرة أخرى في الآخرة وهي الجنة الباقية والنعمة الدائمة.
5. الخامس: أن النخلة وإن حصل في وسط ثمرتها نواة لا خير فيها ولا منفعة فإن قيمة تلك الثمرة لا تنقص بسبب تلك النواة وكذا كلمة التوحيد وإن كان يحصل معها شيء من المعاصي, إلا أن قيمتها لا تنقص بسبب ذلك :"ياعبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم"(الزمر 53).
6. السادس: أن النخلة أسفلها الذي يقرب من الناس كله شوك والثمرة والمنفعة لا تحصل إلا في أعلاها فكذلك الدين أوله التكاليف الشاقة التي هي كالشوك وفي أعلاه الثمرة الحلوة اللذيذة التي هي الجنة والمعرفة.
الاسم الثامن: القول الثابت:
قال الله تعالى" يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة"(إبراهيم 27). وعلة التسمية من وجوه:
• الأول: أن المذكور المعلوم ثابت واجب الثبوت لذاته ممتنع العدم لذاته. والقول والاعتقاديتبعان المقول والمعتقد فلما كان المقول والمعتقد واجب الثبوت لذاته كان القول والاعتقاد كذلك فلهذا سماه الله بالقول الثابت.
• الثاني: أن هذا القول الثابت لايؤثر الذنب فيه بل هو مؤثر في إزالة الذنب لان الموحد وإن عظمت ذنوبه إلا أنه ترجى له المغفرة قال الل تعالى"إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر مادون ذلك لمن يشاء"(النساء116). والكافر وإن عظم كفره إذا رجع من الكفر إلى التوحيد هدم التوحيد كفره.
• الثالث: أن هذه الكلمة الثابتة في الآخرة لا ترتفع عن العبيد وذلك لأن أهل الجنة يشتغلون في الجنة بذكر التوحيد. ألا ترى أن الله أخبر عنهم بقوله" وقالوا الحمد لله الذي اذهب عنا الحزن"(فاطر34). "وقالوا الحمد لله الذي صدقنا وعده"(الزمر 74)." الحمد لله الذي هدانا لهذا"(الأعراف43).
• الرابع : أنها ثابتة لأن أصلها محكم وذلك لأن أول من شهد هذه الشهادة هو الله تعالى بدليل قوله تعالى:"شهد الله أنه لا إله إلا هو"آل عمران18. فشهادة جميع الشاهدين بتوحيد الله تعالى فرع على شهادة الله وشهادة الله هي الاصل فكل شهادة أصلها شهادة الله فهي ثابتة في الدنيا والآخرة.
• الخامس: أن الإنسان بدون هذه الكلمة يعمل فيه الماء والنار ومع هذه الكلمة لا يعمل فيه الماء والنار, أما بيان أن الإنسان بدون هذه الكلمة يعمل فيه الماء والنار فإن فرعون غرق في الماء أولا, ثم انتقل من الماء إلى النار بدليل قوله تعالى:"أغرقو فأدخلوا نارا"(نوح 25). وعجل السامري أحرق بالنار أولا ثم نقل من النار إلى الماء بدليل قوله تعالى:"لنحرقنه ثم لننسفنه في اليم نسفا"(طه 97). واما أنه مع هذه الكلمة لايعمل في الماء ولا النار فإن إبراهيم وموسى عليهمنا السلام كانا مع حقيقة هذه الكلمة فلم تعمل النار في إبراهيم:"قلنا يانار كوني بردا وسلاما على إبراهيم"(الأنبياء69). ولم يعمل الماء في موسى "فإذا خفت عليه فألقيه في اليم ولا تخافي ولا تحزني إنا رادوه إليك وجاعلوه من المرسلين"(القصص7).
من كتاب عجائب القرآن للإمام فخر الدين الرازي
ولكن مثل ذلك إن شاء الله وزيادة
وهذه ستة أسماء اخرى لنصل بذلك إلى الاسم الثامن والبقية تاتي إن شاء الله
الاسم الثالث: كلمة الاحسان
ويدل على صحة هذه التسمية القرآن والخبر المعقول. أما القرآن فآيات إحداها
"هل جزاء الإحسان إلا الإحسان" (الرحمن 60). قال المفسرون المراد من قوله(هل جزاء الإحسان) هل جزاء الإيمان. والتحقيق فيه: أن عليك عهد العبودية, وعلى كرمه عهد الربوبية, كما قال تعالى: (وأوفوا بعهدي أوفِ بعهدكم) (البقرة 40). وعهد عبوديتك :أن تكو نعبد له لا لغيره. ثم كمال هذه الدرجة : أن تعرف أن كل ما سوى الله فهو عبد له, كما قال : (إن كل من في السماوات والأرض إلا آتي الرحمن عبدا)(مريم 93).
ومن أتى بالفعل على أحسن الوجوه كان محسنا فيه. وقوله :لاإله إلا الله, يدل على اعترافه بأن كل ماسواه فهو عبده ومربوبه. فثبت أن قول لاإله إلا الله, إحسان من العبد, فقوله: (هل جزاء الإحسان إلا الإحسان) أي: هل جزاء من أتى بقول "لاإله إلا الله" إلا أن أجعله في حماية لاإله إلا الله.
والثانية قوله تعالى: (للذين أحسنوا الحسنى وزيادة) (يونس 26) والمراد من قوله "للذين أحسنوا" هو: قول "لاإله إلا الله" باتفاق أهل التفسير. وبدليل أنه لو قال ذلك ومات لم يتفرغ لعمل آخر دخل الجنة.
وثالثها قوله: (ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا) (فصلت 33). واتفقوا على أن هذه الآية نزلت في فضيلة الأذان, وماذاك إلا لاشتمال الأذان على كلمة"لاإله إلا الله". وأيضا فإنه تعالى قال في صفة الكافرين : "ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا" العنكبوت 68. فكما أنه لاقبيح أقبح من كلمة الكفر, لا حسن أحسن من كلمة التوحيد, ولهذا قال تعالى في اول سورة المؤمنين: (قد أفلح المؤمنون)(المؤمنون 1). وقال في آخر السورة: (إنه لا يفلح الكافرون). (المؤمنون 117).
ثم إنه لما كان قول الموحد حسنا كان مقيله حسنا, كما قال تعالى: (أصحاب الجنة يومئذ خير مستقرا وأحسن مقيلا)(الفرقان 24).ولما كان قول الكافر قبيحا كان مقيله أيضا مظلما: (والذين كفروا اوليائهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات) (البقرة 257).
ورابعها قوله تعالى(الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه)
الزمر 18. ولا شك أن أحسن القول"لاإله إلا الله".
وخامسها قوله تعالى: (إن الله يأمر بالعدل والإحسان) (النحل 90). قيل العدل: الإعراض عما سوى الله تعالى, والإحسان :الإقبال على الله تعالى.
وسادسها قوله تعالى: (إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم) (الإسراء 7). ولا شك أن الإحسان قول"لاإله إلا الله".
وأما الخبر فما روى أبوموسى الأشعري قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم("للذين أحسنوا الحسنى وزيادة" للذين قالوا لاإله إلا الله الحسنى وهي الجنة, والزيادة هي النظر إلى وجهه الكريم).
وأما المعقول فهو : أنه كلما كان الفعل حسنا كان فاعله أكثر إحسانا, ولا شك أن أحسن الأذكار "لاإله إلا الله" وأحسن المعارف معرفة "لاإله إلا الله" وإذا كان كذلك كانت هذه المعرفة وهذا الذكر إحسانا.
الاسم الرابع: دعوة الحق.
قال الله تعالى في سورة الرعد: (له دعوة الحق) (الرعد14). قال ابن عباس :هو قول "لاإله إلا الله". واعلم أن قوله تعالى: (له دعوة الحق). يفيد الحصر, ومعناه: له هذه الدعوة لا لغيره, كما أن قوله تعالى: (لكم دينكم ولي دين) (الكافرون6). معناه: لكم دينكم لا لغيركم, ولي ديني, وتحقيق الكلام في إثبات هذا الحصر: أن الحق نقيض الباطل, فالحق هو الموجود, والباطل هو المعدوم, فلما كان الحق سبحانه وتعالى حقا في ذاته وبذاته وصفاته. وكان ممتنع التغير في حقيقته, كانت معرفته هي المعرفة الحقة, وذكره هو الذكر الحق, والدعوة إليه هي الدعوة الحقة.
أما كل ماسواه فهو ممكن لذاته, ومن لا يكون حقا لذاته, فلا تكون معرفته واجبة التحقيق, ولا ذكره ولا الدعوة إليه. وإذا ثبت هذا ظهر تحقيق قوله تعالى: (له دعوة الحق).
واعلم أن دعوة الحق تارة تكون من الحق للخلق إلى الحق, وتارةتكون من الخلق للخلق للحق.
أما الأول فنقول: أما أن دعوة الحق تكون من الحق, فلاأنه تعالى هو الذي دعا القلوب إلى توحيده, فلولا دعوته تلك إلى الوحدانية, وتوفيقه في ذلك ماكان الوصول , وإلا فمن أين يتمكن العقل البشري من الوصول إلى معرفة الله تعالى.
وأيضا فلأن مبادئ الحركات وأوائل المحدثات تنتهي إلى قدرة الله تعالى وقضائه وقدره, ولهذا المعنى قال الله تعالى: (لله الأمر من قبل ومن بعد) (الروم4).
وأما أن تلك الدعوة للخلق فلقوله تعالى : (لمن الملك اليوم)(غافر 16). وأما النتهاء إلى الحق فلقوله تعالى"وأن إلى ربك المنتهى"(النجم 42).
وأما أن دعوة الحق تارة تكون من الخلق فلقوله تعالى: "ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله" (فصلت 33). ولقوله: (إننا سمعنا مناديا ينادي للإيمان) (آل عمران 193 ).
الاسم الخامس: كلمة العدل.
قال الله تعالى " إن الله يأمر بالعدل والإحسان"(النحل90). العدل: شهادة ألا إله إلا الله, والإحسان القيام بالعبودية.
وقال ابن عباس: العدل: شهادة ألاإله إلا الله,والإحسان الإخلاص فيه.
وقال آخرون: العدل مع الناس بالرعاية, والإحسان مع نفسك بالطاعة.
قال تعالى:"إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم"(الإسراء 7).
وقال آخرون: العدل مع الأعضاء والإحسان مع القلب.
وقال آخرون: العدل: رؤية الافتقار إلى الحق, والإحسان: مشاهدة الحق إلى كل شيء في الخلق.
واعلم أن السبب في تسمية هذه الكلمة بكلمةالعدل وجوه:
• الأول: أن العدل في كل شيء : تحصيل ماهو سبب اعتداله,وكمال حاله. ومن المعلوم أن كمال القوى الحساسة في إدراك المحسوسات, وكمال القوى الشهوانية في طلب الأشياء النافعة الجسمانية, وكمال القوى الغضبية في دفع الأشياء الجسمانية المنافية, وأما القوى العقلية وكمال حالها, وغاية سعادتها, فبأن ترسم فيها صور الحقائق, وأشباه المعقولات كما هي, حتى تصير القوى العقلية كالمرآة التي تتجلى فيها صورة الوجود بتمامها. ولا شك أن أشرف المعقولات وأعلاها: معرفة جلال الله وقدسه وعظمته وعزته, فكان غاية المعقول, واعتدال الأرواح البشرية, والقوى العقلية: كونها مقبلة على هذه الحالة, مستغرقة فيها. فلهذا السبب سميت كلمة لاإله إلا الله كلمة العدل.
• الثاني: أن هذه الكلمةإما سميت بكلمة العدل لأن معرفة الله متوسطة بين الإفراط الذي هو التشبيه, وبين التفريط الذي هو التعطيل. فمن بالغ في الإثبات وقع في التشبيه ومن بالغ في النفي وقع في التعطيل, والحق هو طريق الاعتدال بين هذين الطرفين المتباينين.
• الثالث: من ترك النظر والاستدلال في معرفة الله تعالى,وعدل على الطريقة التي ألفها بحثه وخياله, وقع في الضلال. ومن توغل في البحث وأراد الوصول إلى كنه العظمة, وهوية الجلال, وتحير وتردد,بل عمي, فإن نور الجلال الإلهية مما يعمي أحداق العقول البشرية, فصار هذان الطرفان مذمومين. والطريق المستقيم هو: أن يخوض الإنسان البحر المعتدل في البحث, ويترك التعمق, وإلى هذا أشار عليه السلام بقوله:"تفكروا في الخلق, ولا تتفكروا في الخالق".
فهذه هي الوجوه التي لأجلها سميت كلمة لاإله إلا الله كلمة العدل.
فإن قيل: كيف أمر الله تعالى بالعدل في بحر التوحيد, وقد قال تعالى" لن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم"(النساء 129). فمن يعجز عن العدل في حق النساء فهل يقدر على العدل في معرفة الأحد الصمد؟
فالجواب: أنه تعالى أظهر عجزك في الضعيف, وأقدرك على الشريف, لتعرف ان الكل منه سبحانه وتعالى.
الاسم السادس: الطيب.
قال الله تعالى في سورة الحج"وهدوا إلى الطيب من القول" (الحج24). وأي كلمة توجد أطهر وأطيب من هذه الكلمة وقد قال تعالى:"إنما المشركون نجس"التوبة 28 . ثم غن النجاسة الحاصلة بسبب الكفر سبعين سنة تزول بسبب ذكر هذه الكلمة مرة واحدة.
وتحقيق القول فيه : أن الطيب هو اللذيذ. واللذة: هي إدراك الملائم. وقد بينا أن الملائم للقوى الحساسة :إدراك المحسوسات, والملائم للقوى الشهوانية: جلب النافع الجسماني وللقوة الغضبيةدفع المنافي الجسماني, وأما الملائم للقوى العقلية فهو إدراك جلال الله وقدسه وعظمته وعزته. إذا عرفت هذا فنقول : إدراك القوة العاقلة أقوى من إدراك القوة الحساسة, وسيأتي شرح هذا فيما بعد إن شاء الله تعالى, وأما مدركات القوى الحساسة فهي الأعراض القائمة بالأجسام الكائنة الفاسدة , ومدرك القوى العاقلة هي: ذات الله تعالى وعظمته وجلاله.وظاهر أنه كلما كان الإدراك أقوى والمدرك أشرف كانت اللذة الحاصلة بسبب الإدراك أشرف وأعلى.
فعلى هذا نسبة اللذة العقلية إلى اللذة الحسية في الشرف والقوة كنسبة الإدراك العقلي إلى الإدراك الحسي, وكنسبة ذات الله تعالى وصفاته في الشرف والتعالي إلى الأعراض القائمة بالأجسام. وكما أنه لا نهاية للنسبة الحاصلة بين هذين الإدراكين وبين هذين المدركين, فكذلك لا نهاية للنسبة الحاصلة بين اللذات العقلية الحاصلة بسبب إدراك جلال الله تعالى وبين اللذات الحاصلة بسبب الروائح والطعوم وسائر المحسوسات.
وإذا عرفت هذا ظهر أن الطيب المطلق هو :معرفة لاإله إلا الله, وذكر لاإله إلا الله, والاستغراق في أنوار جلال لا إله إلا الله, فلهذا السبب قال تعالى:"وهدوا إلى الطيب من القول" والمراد منه كلمة"لاإله إلا الله.
والألف واللام في لفظة الطيب للاستغراق-كأنه تعالى ينبه إلى أنه لا لذيذ ولا طيب إلا هذا, وذلك هو الحق, لأنا بينا أن أطيب المحسوسات بالنسبة إلى طيب هذه الحالة عدم محض, فذلك بين بحرف الاستغراق أن كل طيب ليس إلا ذاك.
الاسم السابع: الكلمة الطيبة.
قال الله تعالى:"ألم تر كيف ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء"(إبراهيم 24). اختلفوا في أنه تعالى لما سماها كلمة طيبة على وجوه:
• الأول: أنها طيبة بمعنى أنها طاهرة عن التشبيه والتعطيل, ولكنها متوسطة بينهما, مباينة لكل واحدة منهما. كما أن اللبن خارج من بين الفرث والدم وهو مبرأ عنهما مصفى عن شائبة كل واحد منهما.
• الثاني: أنها طيبة بمعنى أن صاحبها يكون طيب الاسم في الدنيا طيب المسكن في العقبى, أما طيب اسمه فلقوله تعالى" والطيبات للطيبين"(النور26). وأراد به المؤمنين والمؤمنات. وأما طيب المسكن فلقوله"مساكن طيبة في جنات عدن"(التوبة 72).
• الثالث: أنها طيبة بمعنى أنها مقبولة يقبها الله تعالى, وتصعد إليه, كما قال تعالى: "إليه يصعد الكلم الطيب "(فاطر10). قالوا: والسبب في أن هذه الكلمة تصعد إلى الله بذاتها : أنها طيبة. وقال عليه السلام:"إن الله طيب لا يقبل إلا الطيب". وتمام التحقيق فيه : أن العقل والروح عاشقان على التحلي والمعرفة والمكاشفة على ماسبق تقريره بالبرهان, والمعرفة مجذوبة إلى المعروف وإذا تصاعد العرفان غلى المعروف- والعارف ملازم للعرفان- انجذب العارف إلى المعروف وصعد إليه. فذلك هو المراد من قوله: "إليه يصعد الكلم الطيب" فإن قيل: قال المفسرون: الشجرة الطيبة هي النخلة. فما السبب في تشبيه كلمة التوحيد بالنخلة؟
فالجواب عنه من وجوه:
1. الأول:أن شجرة النخلة لاتنبت في جميع البلدان بل في البعض دون البعض فكذلك كلمة التوحيد لاتجري على كل لسان ومعرفة التوحيد لا تحصل في كل قلب.
2. الثاني: أن النخلة أطول الأشجار وكذا كلمة التوحيد اعلى الكلمات.
3. الثالث: أن الشجرة الطيبة ثابتة في الأرض وفروعها في السماء فكذا اصل الكلمة الطيبة ثابتة في القلب وهو المعرفة وفرعها ثابت في السماء"إليه يصعد الكلم الطيب".
4. الرابع: أن النخلة تحمل كل سنة مرتين فكذلك الإيمان يحمل في الدنيا مرة فيثاب المؤمن لاجل غيمانه بأهلية الشهادة والولاية والأمانة. ومرة أخرى في الآخرة وهي الجنة الباقية والنعمة الدائمة.
5. الخامس: أن النخلة وإن حصل في وسط ثمرتها نواة لا خير فيها ولا منفعة فإن قيمة تلك الثمرة لا تنقص بسبب تلك النواة وكذا كلمة التوحيد وإن كان يحصل معها شيء من المعاصي, إلا أن قيمتها لا تنقص بسبب ذلك :"ياعبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم"(الزمر 53).
6. السادس: أن النخلة أسفلها الذي يقرب من الناس كله شوك والثمرة والمنفعة لا تحصل إلا في أعلاها فكذلك الدين أوله التكاليف الشاقة التي هي كالشوك وفي أعلاه الثمرة الحلوة اللذيذة التي هي الجنة والمعرفة.
الاسم الثامن: القول الثابت:
قال الله تعالى" يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة"(إبراهيم 27). وعلة التسمية من وجوه:
• الأول: أن المذكور المعلوم ثابت واجب الثبوت لذاته ممتنع العدم لذاته. والقول والاعتقاديتبعان المقول والمعتقد فلما كان المقول والمعتقد واجب الثبوت لذاته كان القول والاعتقاد كذلك فلهذا سماه الله بالقول الثابت.
• الثاني: أن هذا القول الثابت لايؤثر الذنب فيه بل هو مؤثر في إزالة الذنب لان الموحد وإن عظمت ذنوبه إلا أنه ترجى له المغفرة قال الل تعالى"إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر مادون ذلك لمن يشاء"(النساء116). والكافر وإن عظم كفره إذا رجع من الكفر إلى التوحيد هدم التوحيد كفره.
• الثالث: أن هذه الكلمة الثابتة في الآخرة لا ترتفع عن العبيد وذلك لأن أهل الجنة يشتغلون في الجنة بذكر التوحيد. ألا ترى أن الله أخبر عنهم بقوله" وقالوا الحمد لله الذي اذهب عنا الحزن"(فاطر34). "وقالوا الحمد لله الذي صدقنا وعده"(الزمر 74)." الحمد لله الذي هدانا لهذا"(الأعراف43).
• الرابع : أنها ثابتة لأن أصلها محكم وذلك لأن أول من شهد هذه الشهادة هو الله تعالى بدليل قوله تعالى:"شهد الله أنه لا إله إلا هو"آل عمران18. فشهادة جميع الشاهدين بتوحيد الله تعالى فرع على شهادة الله وشهادة الله هي الاصل فكل شهادة أصلها شهادة الله فهي ثابتة في الدنيا والآخرة.
• الخامس: أن الإنسان بدون هذه الكلمة يعمل فيه الماء والنار ومع هذه الكلمة لا يعمل فيه الماء والنار, أما بيان أن الإنسان بدون هذه الكلمة يعمل فيه الماء والنار فإن فرعون غرق في الماء أولا, ثم انتقل من الماء إلى النار بدليل قوله تعالى:"أغرقو فأدخلوا نارا"(نوح 25). وعجل السامري أحرق بالنار أولا ثم نقل من النار إلى الماء بدليل قوله تعالى:"لنحرقنه ثم لننسفنه في اليم نسفا"(طه 97). واما أنه مع هذه الكلمة لايعمل في الماء ولا النار فإن إبراهيم وموسى عليهمنا السلام كانا مع حقيقة هذه الكلمة فلم تعمل النار في إبراهيم:"قلنا يانار كوني بردا وسلاما على إبراهيم"(الأنبياء69). ولم يعمل الماء في موسى "فإذا خفت عليه فألقيه في اليم ولا تخافي ولا تحزني إنا رادوه إليك وجاعلوه من المرسلين"(القصص7).
من كتاب عجائب القرآن للإمام فخر الدين الرازي
راجية لرضى الرحمن- عضو "ماسي" نفخر به
- عدد الرسائل : 206
العمر : 36
المزاج : متلخبط
مزاجات :
تاريخ التسجيل : 24/06/2008
رد: أسماء كلمة التوحيد(لاإله إلا الله)
أتيت لكم بما تبقى لأكمل الأربع وعشرين اسما..
الاسم التاسع: كلمة التقوى.
قال الله تعالى" وألزمهم كلمة التقوى" الفتح:26. وفي سبب هذه التسمية وجوه:
• الأول: أنه لما اتقى صاحب هذه الكلمة أن يصف ربه بما وصفه به المشركون وصفت هذه الكلمة بأنهاكلمة التقوى, ورأس التقوى, اتقاء لكلمة الكفر. ثم في هذه الآية إشارة وبشارة:
أما الإشارة فهي أنه تعالى سمى نفسه أهل التقوى فقال"هو أهل التقوى واهل المغفرة" المدثر:56. وسمى الموحدين أهل كلمة التقوى فقال "وألزمهم كلمة التقوى" وكانه يقول تعالى: أنا أهل أن أكون مذكورا بهذه الكلمة, وأنت أهل لذكر هذه الكلمة, فما أعظم هذا الشرف!
وأما البشارة فهي أنه تعالى قال: "وألزمهم كلمة التقوى وكانوا أحق بها وأهلها" الفتح:26. فأثبت أن الموحدين أحق الخلق بهذه الكلمة, وهم أهل هذه الكلمة, وأنه كريم لا ينزع الحق من مستحقه, فهذا يدل على أنه لاينزع الإيمان من قلب المؤمن.
• الثاني: في بيان أنه لم سميت هذه الكلمة بكلمة التقوى: هو أن هذه الكلمة واقية لبدنك من السيف, ولمالك من الاستغنام ولذمتك من الجزية, ولأولادك من السبي, فإن انضاف القلب إلى اللسان صارت واقية لقلبك عن الكفر, وإن انضم التوفيق إليه صارت واقية لجوارحك عن المعاصي, ثم قال :"وألزمهم كلمة التقوى" أي: نحن ألزمناهم بهذه الكلمة التي هي المفتاح لباب الجنة, فنحن أردناهم أولا, وهم ماأرادونا, فلنا المنة عليهم في فتح هذا الباب, وتقريره بقوله تعالى:"يمنون عليك أن أسلموا قل لا تمنوا علي إسلامكم بل الله يمن عليكم أن هداكم للإيمان" الحجرات:17.
الاسم العاشر: الكلمة الباقية.
روي عن كثير من المفسرين أنهم قالوا في تفسير قوله تعالى "وجعلها كلمة باقية في عقبه" الزخرف:28. أنها قول لاإله إلا الله ويدل عليه وجوه:
• الأول: مقدمة هذه الآية وهي قوله تعالى:"وإذ قال إبراهيم لابيه وقومه إنني براء مماتعبدون إلا الذي فطرني فإنه سيهدين" الزخرف:26-27. وكان معنى قوله إني براء نفي الغلهية عن الأشياء التي كانوا يعبدونها. ثم قال إلا الذي فطرني فكان فيه إثبات الإلهية للذي فطره,فإذا حصل هذان المعنيان كان مجموعهما هو قول"لاإله إلا الله" ثم قال:"وجعلها كلمة باقية في عقبه" فثبت أن المراد من الكلمة الباقية قول لاإله إلا الله.
• الثاني: أنه تعالى قال:"ولاتدع مع الله إلها آخرلاإله إلا هو كل شيء هالك إلا وجهه"القصص:88. فبين أن كل شيء هالك إلا هو,فإنه واجب الدوام والقباء والسرمدية. وقد عرفت أن القول تبع المقول والاعتقاد تبع المعتقد فكان صدق لاإله إلا الله وحقيقة لاإله إلا الله واجبي الثبوت والدوام وذلك هو المراد بكونها باقية.
• الثالث: أنا بينا أن التوحيد لايزول بسبب المعصية والمعصية تزول بسبب التوحيد, وأيضا التوحيد يبقى مع أهل الجنة, وسائر الطاعات لاتبقى.
الاسم الحادي عشر:كلمة الله العليا.
قال الله تعالى" وجعل كلمة الذين كفروا هي السفلى وكلمة الله هي العليا" التوبة:40. واعلم أن السبب في علو هذه الكلمة وجوه:
• الأول: هو أن القلب إذا تجلى فيه نور هذه الكلمة كان ذلك التجلي نور الربوبية ونور الربوبية إذا تجلى في القلب استعقب حصول قوة وهيبة ربانية, ولهذا السبب صار المتحققون بهذه الكلمة يستحقرون الأحوال الدنيوية ويستحقرون عظماء الملوك ولايبالون بالقتل ولايقيمون لشيء من طيبات الدنيا وزنا وكل ذلك يدل على استعلاء قوة هذه الكلمة. وانظر إلى استغراق سحرة فرعون لما تجلى لهم نور هذه الكلمة, كيف لم يلتفتوا إلى قطع الأيدي والأرجل, وأن محمدا صلى الله عليه وسلم لما استغرق في هذا النور لم يلتفت إلى الملكوت, كما قال تعالى:"مازاغ البصر وما طغى" النجم:17.
• السبب الثاني في كون هذه الكلمة عالية: استعلاؤها في الدنيا على سائر الأديان, كما قال تعالى:" ليظهره على الدين كله" التوبة:33.
• الثالث: كونها مستعلية على جميع الذنوب, فإنها تزيل جميع الذنوب, وشيء من الذنوب لايزيل نور هذه الكلمة.
الاسم الثاني عشر: المثل الأعلى.
قال قتادة في قوله تعالى:"ولله المثل الأعلى" النحل 60.معناه قول لاإله إلا الله. واعلم ان معنى المثل هنا الصفة, كما قال أهل اللغة, ونظيره قوله تعالى: "مثل الجنة التي وعد المتقون"الرعد:35. أي صفتها فصار المراد من قوله تعالى:"ولله المثل الأعلى" عين المراد من قوله"وكلمة الله هي العليا".
الاسم الثالث عشر: كلمة السواء.
قال الله تعالى:" قل ياأهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم" آل عمران:64. قال أبو العالية الرباحي: هي كلمة لاإله إلا الله. والدليل عليه أنه تعالى قال بعده"ألا نعبد إلا الله ولانشرك به شيئا"آل عمران:64. ولا معنى لهذه الآية إلا ماهو المراد من قول لاإله إلا الله. فثبت أن المراد من كلمة السواء هو كلمة لاإله إلا الله. ومما يقرر ذلك : أن جميع العقول معترفة بصحة لا إله إلا الله وجميع الألسنة ناطقة بها وجميع الرقاب خاضعة لها. قال الله تعالى:"ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض وسخر الشمس والقمر ليقولن الله" العنكبوت:61. وأيضا يحتمل أنها سميت كلمة السواء لأنها تفيد الاستواء في الدين والعقل والروح وتوجب الاستقامة, وترك الاعوجاج في الأمور.
الاسم الرابع عشر: كلمة النجاة.
والذي يدل عليه القرآن والحديث والمعقول.
أما القرآن فمن وجهين:
• الأول: قوله تعالى:"إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر مادون ذلك لمن يشاء"النساء:48. فهذه الآية صريحة في أن النجاة لاتحصل بدون الإيمان بلاإله إلا الله, وتحصل مع الإيمان بلاإله إلا الله.
• والثاني: قوله تعالى:"وياقوم مالي أدعوكم إلى النجاة وتدعونني إلى النار" غافر:41. النجاة: قول لاإله إلا الله.
واما الأخبار فيدل عليه الأخبار التي ذكرناها في الفصل الثاني ونريد ههنا أخبارا أخرى أحدها ماروى جابر بن عبد الله أنه قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسل عن الموجبتين فقال:"من لقي الله لايشرك به شيئا دخل الجنة ومن لقي يشرك به شيئا دخل النار".
وثانيها :عن أبي سعيد الخدري قال: قال عليه الصلاة والسلام:"لقنوا موتاكم شهادة أن لاإله إلا الله".
وثالثها: رأى عمر بن الخطاب رضي الله عنه طلحة بن عبيد الله مقبلا مغموما بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم فقال: مالك؟ قال: سمعت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مامنعني أن أسأله إلا القدرة عليه حتى مات, سمعته يقول:"إني لأعلم كلمة لايقولها عبد عند موته إلا أشرق لها لونه, ونفس الله بها كربته" فقال: إني لأعلم ماهي, فقال: وماهي؟ قال: الكلمة التي أمر بها عمه عند الموت, وهي:لاإله إلا الله, فقال طلحة: صدقت,هي والله.
ورابعها:روى أبو أمامة قال: بعث رسول الله صلى لله عليه وسلم أبا بكر ينادي في الناس" من شهد أن لاإله إلا الله دخل الجنة".
وخامسها: قال معاذ بن جبل حين حضرته الوفاة: اكشفوا عني سجف القبة حتى أحدثكم حديثا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم, لم يمنعني أن أحدثكموه إلا أن تتكلوا, أو تتركوا العمل, وتردوا النار. سمعته يقول:" من قال لاإله إلا الله مخلصا من قلبه دخل الجنة, ولم تمسه النار".
وسادسها: عن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه قال: قال رسول اله صلى الله عليه وسلم: من قال: أشهد أن لاإله إلا الله, وأشهد أن محمدا رسول الله, يجلري بها لسانه, ويطمئن بها قلبه, حرمت عليه النار".
وسابعها: روى أبو هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول اله صلى الله عليه وسلم لأبي ذر:" ناد في الناس: من شهد أن لاإله إلا الله وجبت له الجنة".قال أبو ذر: وإن زنى وسرق؟ قال: "وإن زنى وسرق"_حتى قالها ثلاث مرات_ فقال في الثالثة:"وإن زنى وإن سرق على رغم أنف أبي ذر".
وثامنها: روى معاذ بن جبل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:" من كان آخر كلامه لا إله إلا الله, وفاضت نفسه بعده دخل الجنة".
الاسم الخامس عشر: العهد.
قال ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى:"إلا من اتخذ عند الرحمن عهدا" مريم:87. العهد هو قول لاإله إلا الله. وأقول: الذي يدل على صحة هذا القول وجوه:
• الأول: أن قوله:"إلا من اتخذ عند الرحمن عهدا". نكرة في طرف الثبوت, وذلك لا يفيد إلا عهدا واحدا, فهذه الآية تدل على أن تلك الشفاعة تحصل بسبب عهد واحد, ثم أجمعنا على أن ماسوى الإيمان فإنه الواحد منه, بل مجموعه لا يفيد تلك الشفاعة البتة فوجب أن يكون العهد الواحد الذي يفيد تلك الشفاعة هو الإيمان, وهو قول لاإله إلا الله.
• والثاني: أن جماعة المفسرين قالوا في تفسير قوله تعالى:"وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم" البقرة:140. هو عهد الإيمان, بدليل أن لفظ العهد مجمل فلما أعقبه بقوله:"وآمنوا بما أنزلت مصدقا لما معكم" البقرة:41. علمنا أن المراد من ذلك العهد هو الإيمان وهو قول لاإله إلا الله محمد رسول الله.
• والثالث: أن أول ماوقع من العهد قوله تعالى:" ألست بربكم قالوا بلى" الأعراف:172. وذلك في الحقيقة هو قول لاإله إلا الله, فكان لفظ العهد محمولا عليه.
• الرابع: أنه تعالى قال:" إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعدا عليه حقا في التوراة والإنجيل والقرآن ومن أوفى بعهده من الله فاستبشروا ببيعكم".التوبة: 111. فكأن العهد من جانبك عهد الإقرار بالعبودية, ومن جانب الحق سبحانه وتعالى عهد الكرم والربوبية, فثبت بهذه الوجوه: أن المراد من قوله:"إلا من اتخذ عند الرحمن عهدا". هو قول لاإله إلا الله.
• الخامس: قوله تعالى:"قل أتخذتم عند الله عهدا" البقرة:80. أي قلتم: لاإله إلا الله.
الاسم السادس عشر: كلمة الاستقامة.
قال الله تعالى:" إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا" فصلت:30. قال ابن مسعود رضي الله عنه: المراد من قوله تعالى:"استقاموا". هو قول لاإله إلا الله , وذلك لأن قولهم ربنا الله إقرار بوجوب الرب, ثم إن من المقرين بذلك من أثبت له ندا أوشريكا. فالذين نفوا الشركاء والأضداد هم الذين استقاموا على النهج القويم, والصراط المستقيم.
واعلم أن السلامة في القيامة بقدر الاستقامة في نفي الشركاء, فمن الناس من أنكر الوحدانية, وهو الشرك الظاهر, والاستقامة في الدين لا تحصل إلا بنفي الشركاء, كما قال تعالى:" فلا تجعلوا لله أندادا وأنتم تعلمون" البقرة:22. ومنهم من أقر بالوحدانية في الظاهر, إلا أنه يقول قولا يهدم ذلك التوحيد, مثل أن يضيف السعادة والنحوسة إلى الكواكب, ويضيف الصحة والمرض إلى الدواء والغذاء, ويضيف الفعل إلى العبد على سبيل الاستقلال, فكل ذلك يبطل الاستقامة في معرفة الحق سبحانه وتعالى.
ومنهم من ترك كل ذلك , ولكنه قد يطيع النفس والشهوة في بعض الأفعال, وإليه الإشارة بقوله :"أفرأيت من اتخذ إلهه هواه" الجاثية: 23. وهذا النوع من الشرك هو المسمى بالشرك الخفي, وهو المراد من قوله تعالى حكاية عن إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام:" واجعلنا مسلمين لك" البقرة: 128. وقول يوسف عليه السلام:"توفني مسلما" يوسف: 101. فإن الأنبياء عليهم السلام مبرؤون عن الشرك الجلي, أماالحالة المسماة بالشرك الخفي, وهو الالتفات إلى غير الله , فالبشر لا ينفك عنه في جميع الأوقات , فلذلك السبب تضرع الأنبياء عليهم السلام إلى الله تعالى في أن يصرفه عنهم.
الاسم السابع عشر: مقاليد السماوات والأرض.
قال الله تعالى:"له مقاليد السماوات والأرض" الزمر:63. قال ابن عباس : هو قول لاإله إلا الله. وأقول : هذا هو الحق, ويدل عليه وجوه:
• الأول: أنه تعالى بين أن لو كان في الوجود إلهان لحصل الفساد في العالم, ولاختلت المصالح, قال الله تعالى:"لو كان فيهما آلهتان لفسدتا" الأنبياء:22. فثبت أن الشرك سبب لفساد العالم وأن التوحيد سبب لانتظام العالم. فثبت أن مقاليد السماوات والأرض هو قول: لاإله إلا الله.
• الثاني: أنا بينا أن الشرك سبب لفساد العالم, بدليل قوله تعالى:"تكاد السماوات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدا أن دعوا للرحمن ولدا" مريم:90-91. وإذا كان كذلك كان التوحيد سببا لعمران العالم.
• الثالث: أن أبواب السماوات لاتفتح عند الدعاء إلا بقول: لا إله إلا الله, وأبواب الجنان لا تفتح إلا بهذا القول, وأبواب النيران لا تغلق إلا بهذا القول, وباب القلب لا يفتح إلا بهذه الكلمة, وأنواع الوساوس لا تندفع إلا بهذا القول, فكانت هذه الكلمة أشرف مقاليد السماوات والأرض, وأعز مفاتيح الأرواح والنفوس والأجسام والعقول.
الاسم الثامن عشر: السديد
قال الله تعالى:"ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا" الأحزاب:70. قيل في تفسيره: الفعيل قد يكون بمعنى الفاعل, كالسميع بمعنى السامع, وقد يكون بمعنى المفعول كالقتيل بمعنى المقتول, والجريح بمعنى المجروح.
فإذا جعلته بمعنى الفاعل كان معناه: أنه يسد على صاحبه أبواب جهنم. وإذا حملته على معنى المفعول كان معناه: أنه يسد عن أن يضيره شيء من الذنوب.
وأيضا فإن ذا القرنين بنى السد دفعا لضرر يأجوج ومأجوج الله تعالى جعل الإيمان سدا لضرر الشياطين من الجن والإنس.
الاسم التاسع عشر: البر.
قال الله تعالى:"ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر" البقرة:177. والإشارة في الآية: أن من كان مشتغلا بجميع الجوانب والجهات لم يكن صاحب البر إنما صاحب البر هو الذي يتوجه إلى صاحب الكعبة"إني وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا" الأنعام: 79. فقوله:"ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب" إشارة إلى الكثرة والقول بالشركاء, وقوله: ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر". إشارة إلى التوحيد, فصار معناه هو المفهوم من قول لا إله إلا الله.
الاسم العشرون: الدين.
قال الله تعالى:" ألا لله الدين الخالص" الزمر:3. واعلم أن الدين هو: الانقياد والخضوع. قال عليه الصلاة والسلام في دعواته:"يا من دانت له الرقاب". أي خضعت. فقوله:"ألا لله الدين الخالص". أي له الخضوع والخشوع لا لغيره. وإنما يكون كذلك إذا كان واحدا في الإلهية, إذ لو وجد إلهان لكان كما أن الخضوع لأحدهما حاصل كان أيضا حاصلا للثاني, فلا يمكن ثبوت الخضوع إلا لله فقط, فالحصر دل على أنه لاإله سواه, ولا معبود إلا إياه.
الاسم الحادي والعشرون: الصراط.
قال تعالى:"اهدنا الصراط المستقيم". الفاتحة:6. وقال حكاية عن رسوله:"وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه". الأنعام:153. وقال:"وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم صراط الله الذي له مافي السماوات ومافي الأرض" الشورى:52-53.
واعلم أن هذا الصراط المستقيم هو قول لا إله إلا الله. وذلك باعتبار أن حدوث كل محدث وإمكان كل ممكن يحوجه إلى المؤثر الذي يوجده وينقله من العدم لى الوجود, وإذا كان الموجد والمدبر واحدا, فمتى نسبت حدوث المحدثات ووجود الممكنات إلى قدرته كان ذلك صراطا مستقيما وطريقا قويما. ومتى نسب حدوث محدث ووجود ممكن إلى غير قدرته, كان ذلك طريقا معوجا وسبيلا منحرفا. فثبت أن الصراط المستقيم لايحصل إلا بإسناد كل الحوادث والممكنات إلى تخليق الله وتكوينه, وإسناد الكل إليه فهو التوحيد. فثبت أن الصراط المستقيم هو قولنا لا إله إلا الله.
الاسم الثاني والعشرون: كلمة الحق.
لقوله تعالى:" ولايملك الذين يدعون من دونه الشفاعة إلا من شهد بالحق وهم يعلمون" الخرف:86.
يعني قول لاإله إلا الله.
الاسم الثالث والعشرون: العروة الوثقى.
قال الله تعالى:" فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى". البقرة: 256. يعني بكلمة لاإله إلا الله.
الاسم الرابع والعشرون: كلمة الصدق.
لقوله تعالى:" والذي جاء بالصدق وصدق به".الزمر: 33. أي قول لاإله إلا الله.
فهذا جملة الكلام في لاإله إلا الله...اللهم بحق أسمائك الطاهرة المقدسة احفظ بحفظك معرفة هذه الكلمة في قلوبنا وذكرها على ألسنتنا, ياأرحم الراحمين.
من كتاب عجائب القران للإمام فخر الدين الرازي.
انتهى.الحمد لله الذي هدانا لهذا وماكنا انهتدي لولا أن هدانا الله.
إذن الملخص: لا إله إلا الله هي:
كلمة التوحيد وكلمة الاخلاص وكلمة الاحسان وهي دعوة الحق وكلمة العدل وهي الطيب والكلمة الطيبة وهي القول الثابت وهي كلمة التقوى والكلمة الباقية وهي كلمة الله العليا والمثل الأعلى وكلمة السواء وهي كلمة النجاة وهي العهد وكلمة الاستقامة وهي مقاليد السماوات والأرض وهي السديد من القول وهي البر وهي الدين وهي الصراط المستقيم وهي كلمة الحق والعروة الوثقى التي لا انفصام لها وهي كلمة الصدق..جعلني الله وإياكم من الثابتين عليهاطوال الحياة وعند الممات وبعد الممات ويوم الحشر جمعني الله وإياكم في ظل عرشه وجعل الله هذه الكلمة العظيمة شافعة لنا منجيةلنا ولآبائنا وأمهاتنا من النار ثم يجمعنا الله بإذنه تعالى إخوانا على سرر متقابلين بجوار المصطفى الكريم لنخبره انا اتبعناه وأجبناه إلى دعوة الحق التي دعانا إليها بفضل من الله وهدى اللهم آمين...
المرة القادمة بإذن الله تعالى سأكتب لكم (في أسرار كلمة لاإله إلا الله ).
و(في فوائد كلمة لاإله إلا الله).
الاسم التاسع: كلمة التقوى.
قال الله تعالى" وألزمهم كلمة التقوى" الفتح:26. وفي سبب هذه التسمية وجوه:
• الأول: أنه لما اتقى صاحب هذه الكلمة أن يصف ربه بما وصفه به المشركون وصفت هذه الكلمة بأنهاكلمة التقوى, ورأس التقوى, اتقاء لكلمة الكفر. ثم في هذه الآية إشارة وبشارة:
أما الإشارة فهي أنه تعالى سمى نفسه أهل التقوى فقال"هو أهل التقوى واهل المغفرة" المدثر:56. وسمى الموحدين أهل كلمة التقوى فقال "وألزمهم كلمة التقوى" وكانه يقول تعالى: أنا أهل أن أكون مذكورا بهذه الكلمة, وأنت أهل لذكر هذه الكلمة, فما أعظم هذا الشرف!
وأما البشارة فهي أنه تعالى قال: "وألزمهم كلمة التقوى وكانوا أحق بها وأهلها" الفتح:26. فأثبت أن الموحدين أحق الخلق بهذه الكلمة, وهم أهل هذه الكلمة, وأنه كريم لا ينزع الحق من مستحقه, فهذا يدل على أنه لاينزع الإيمان من قلب المؤمن.
• الثاني: في بيان أنه لم سميت هذه الكلمة بكلمة التقوى: هو أن هذه الكلمة واقية لبدنك من السيف, ولمالك من الاستغنام ولذمتك من الجزية, ولأولادك من السبي, فإن انضاف القلب إلى اللسان صارت واقية لقلبك عن الكفر, وإن انضم التوفيق إليه صارت واقية لجوارحك عن المعاصي, ثم قال :"وألزمهم كلمة التقوى" أي: نحن ألزمناهم بهذه الكلمة التي هي المفتاح لباب الجنة, فنحن أردناهم أولا, وهم ماأرادونا, فلنا المنة عليهم في فتح هذا الباب, وتقريره بقوله تعالى:"يمنون عليك أن أسلموا قل لا تمنوا علي إسلامكم بل الله يمن عليكم أن هداكم للإيمان" الحجرات:17.
الاسم العاشر: الكلمة الباقية.
روي عن كثير من المفسرين أنهم قالوا في تفسير قوله تعالى "وجعلها كلمة باقية في عقبه" الزخرف:28. أنها قول لاإله إلا الله ويدل عليه وجوه:
• الأول: مقدمة هذه الآية وهي قوله تعالى:"وإذ قال إبراهيم لابيه وقومه إنني براء مماتعبدون إلا الذي فطرني فإنه سيهدين" الزخرف:26-27. وكان معنى قوله إني براء نفي الغلهية عن الأشياء التي كانوا يعبدونها. ثم قال إلا الذي فطرني فكان فيه إثبات الإلهية للذي فطره,فإذا حصل هذان المعنيان كان مجموعهما هو قول"لاإله إلا الله" ثم قال:"وجعلها كلمة باقية في عقبه" فثبت أن المراد من الكلمة الباقية قول لاإله إلا الله.
• الثاني: أنه تعالى قال:"ولاتدع مع الله إلها آخرلاإله إلا هو كل شيء هالك إلا وجهه"القصص:88. فبين أن كل شيء هالك إلا هو,فإنه واجب الدوام والقباء والسرمدية. وقد عرفت أن القول تبع المقول والاعتقاد تبع المعتقد فكان صدق لاإله إلا الله وحقيقة لاإله إلا الله واجبي الثبوت والدوام وذلك هو المراد بكونها باقية.
• الثالث: أنا بينا أن التوحيد لايزول بسبب المعصية والمعصية تزول بسبب التوحيد, وأيضا التوحيد يبقى مع أهل الجنة, وسائر الطاعات لاتبقى.
الاسم الحادي عشر:كلمة الله العليا.
قال الله تعالى" وجعل كلمة الذين كفروا هي السفلى وكلمة الله هي العليا" التوبة:40. واعلم أن السبب في علو هذه الكلمة وجوه:
• الأول: هو أن القلب إذا تجلى فيه نور هذه الكلمة كان ذلك التجلي نور الربوبية ونور الربوبية إذا تجلى في القلب استعقب حصول قوة وهيبة ربانية, ولهذا السبب صار المتحققون بهذه الكلمة يستحقرون الأحوال الدنيوية ويستحقرون عظماء الملوك ولايبالون بالقتل ولايقيمون لشيء من طيبات الدنيا وزنا وكل ذلك يدل على استعلاء قوة هذه الكلمة. وانظر إلى استغراق سحرة فرعون لما تجلى لهم نور هذه الكلمة, كيف لم يلتفتوا إلى قطع الأيدي والأرجل, وأن محمدا صلى الله عليه وسلم لما استغرق في هذا النور لم يلتفت إلى الملكوت, كما قال تعالى:"مازاغ البصر وما طغى" النجم:17.
• السبب الثاني في كون هذه الكلمة عالية: استعلاؤها في الدنيا على سائر الأديان, كما قال تعالى:" ليظهره على الدين كله" التوبة:33.
• الثالث: كونها مستعلية على جميع الذنوب, فإنها تزيل جميع الذنوب, وشيء من الذنوب لايزيل نور هذه الكلمة.
الاسم الثاني عشر: المثل الأعلى.
قال قتادة في قوله تعالى:"ولله المثل الأعلى" النحل 60.معناه قول لاإله إلا الله. واعلم ان معنى المثل هنا الصفة, كما قال أهل اللغة, ونظيره قوله تعالى: "مثل الجنة التي وعد المتقون"الرعد:35. أي صفتها فصار المراد من قوله تعالى:"ولله المثل الأعلى" عين المراد من قوله"وكلمة الله هي العليا".
الاسم الثالث عشر: كلمة السواء.
قال الله تعالى:" قل ياأهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم" آل عمران:64. قال أبو العالية الرباحي: هي كلمة لاإله إلا الله. والدليل عليه أنه تعالى قال بعده"ألا نعبد إلا الله ولانشرك به شيئا"آل عمران:64. ولا معنى لهذه الآية إلا ماهو المراد من قول لاإله إلا الله. فثبت أن المراد من كلمة السواء هو كلمة لاإله إلا الله. ومما يقرر ذلك : أن جميع العقول معترفة بصحة لا إله إلا الله وجميع الألسنة ناطقة بها وجميع الرقاب خاضعة لها. قال الله تعالى:"ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض وسخر الشمس والقمر ليقولن الله" العنكبوت:61. وأيضا يحتمل أنها سميت كلمة السواء لأنها تفيد الاستواء في الدين والعقل والروح وتوجب الاستقامة, وترك الاعوجاج في الأمور.
الاسم الرابع عشر: كلمة النجاة.
والذي يدل عليه القرآن والحديث والمعقول.
أما القرآن فمن وجهين:
• الأول: قوله تعالى:"إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر مادون ذلك لمن يشاء"النساء:48. فهذه الآية صريحة في أن النجاة لاتحصل بدون الإيمان بلاإله إلا الله, وتحصل مع الإيمان بلاإله إلا الله.
• والثاني: قوله تعالى:"وياقوم مالي أدعوكم إلى النجاة وتدعونني إلى النار" غافر:41. النجاة: قول لاإله إلا الله.
واما الأخبار فيدل عليه الأخبار التي ذكرناها في الفصل الثاني ونريد ههنا أخبارا أخرى أحدها ماروى جابر بن عبد الله أنه قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسل عن الموجبتين فقال:"من لقي الله لايشرك به شيئا دخل الجنة ومن لقي يشرك به شيئا دخل النار".
وثانيها :عن أبي سعيد الخدري قال: قال عليه الصلاة والسلام:"لقنوا موتاكم شهادة أن لاإله إلا الله".
وثالثها: رأى عمر بن الخطاب رضي الله عنه طلحة بن عبيد الله مقبلا مغموما بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم فقال: مالك؟ قال: سمعت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مامنعني أن أسأله إلا القدرة عليه حتى مات, سمعته يقول:"إني لأعلم كلمة لايقولها عبد عند موته إلا أشرق لها لونه, ونفس الله بها كربته" فقال: إني لأعلم ماهي, فقال: وماهي؟ قال: الكلمة التي أمر بها عمه عند الموت, وهي:لاإله إلا الله, فقال طلحة: صدقت,هي والله.
ورابعها:روى أبو أمامة قال: بعث رسول الله صلى لله عليه وسلم أبا بكر ينادي في الناس" من شهد أن لاإله إلا الله دخل الجنة".
وخامسها: قال معاذ بن جبل حين حضرته الوفاة: اكشفوا عني سجف القبة حتى أحدثكم حديثا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم, لم يمنعني أن أحدثكموه إلا أن تتكلوا, أو تتركوا العمل, وتردوا النار. سمعته يقول:" من قال لاإله إلا الله مخلصا من قلبه دخل الجنة, ولم تمسه النار".
وسادسها: عن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه قال: قال رسول اله صلى الله عليه وسلم: من قال: أشهد أن لاإله إلا الله, وأشهد أن محمدا رسول الله, يجلري بها لسانه, ويطمئن بها قلبه, حرمت عليه النار".
وسابعها: روى أبو هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول اله صلى الله عليه وسلم لأبي ذر:" ناد في الناس: من شهد أن لاإله إلا الله وجبت له الجنة".قال أبو ذر: وإن زنى وسرق؟ قال: "وإن زنى وسرق"_حتى قالها ثلاث مرات_ فقال في الثالثة:"وإن زنى وإن سرق على رغم أنف أبي ذر".
وثامنها: روى معاذ بن جبل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:" من كان آخر كلامه لا إله إلا الله, وفاضت نفسه بعده دخل الجنة".
الاسم الخامس عشر: العهد.
قال ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى:"إلا من اتخذ عند الرحمن عهدا" مريم:87. العهد هو قول لاإله إلا الله. وأقول: الذي يدل على صحة هذا القول وجوه:
• الأول: أن قوله:"إلا من اتخذ عند الرحمن عهدا". نكرة في طرف الثبوت, وذلك لا يفيد إلا عهدا واحدا, فهذه الآية تدل على أن تلك الشفاعة تحصل بسبب عهد واحد, ثم أجمعنا على أن ماسوى الإيمان فإنه الواحد منه, بل مجموعه لا يفيد تلك الشفاعة البتة فوجب أن يكون العهد الواحد الذي يفيد تلك الشفاعة هو الإيمان, وهو قول لاإله إلا الله.
• والثاني: أن جماعة المفسرين قالوا في تفسير قوله تعالى:"وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم" البقرة:140. هو عهد الإيمان, بدليل أن لفظ العهد مجمل فلما أعقبه بقوله:"وآمنوا بما أنزلت مصدقا لما معكم" البقرة:41. علمنا أن المراد من ذلك العهد هو الإيمان وهو قول لاإله إلا الله محمد رسول الله.
• والثالث: أن أول ماوقع من العهد قوله تعالى:" ألست بربكم قالوا بلى" الأعراف:172. وذلك في الحقيقة هو قول لاإله إلا الله, فكان لفظ العهد محمولا عليه.
• الرابع: أنه تعالى قال:" إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعدا عليه حقا في التوراة والإنجيل والقرآن ومن أوفى بعهده من الله فاستبشروا ببيعكم".التوبة: 111. فكأن العهد من جانبك عهد الإقرار بالعبودية, ومن جانب الحق سبحانه وتعالى عهد الكرم والربوبية, فثبت بهذه الوجوه: أن المراد من قوله:"إلا من اتخذ عند الرحمن عهدا". هو قول لاإله إلا الله.
• الخامس: قوله تعالى:"قل أتخذتم عند الله عهدا" البقرة:80. أي قلتم: لاإله إلا الله.
الاسم السادس عشر: كلمة الاستقامة.
قال الله تعالى:" إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا" فصلت:30. قال ابن مسعود رضي الله عنه: المراد من قوله تعالى:"استقاموا". هو قول لاإله إلا الله , وذلك لأن قولهم ربنا الله إقرار بوجوب الرب, ثم إن من المقرين بذلك من أثبت له ندا أوشريكا. فالذين نفوا الشركاء والأضداد هم الذين استقاموا على النهج القويم, والصراط المستقيم.
واعلم أن السلامة في القيامة بقدر الاستقامة في نفي الشركاء, فمن الناس من أنكر الوحدانية, وهو الشرك الظاهر, والاستقامة في الدين لا تحصل إلا بنفي الشركاء, كما قال تعالى:" فلا تجعلوا لله أندادا وأنتم تعلمون" البقرة:22. ومنهم من أقر بالوحدانية في الظاهر, إلا أنه يقول قولا يهدم ذلك التوحيد, مثل أن يضيف السعادة والنحوسة إلى الكواكب, ويضيف الصحة والمرض إلى الدواء والغذاء, ويضيف الفعل إلى العبد على سبيل الاستقلال, فكل ذلك يبطل الاستقامة في معرفة الحق سبحانه وتعالى.
ومنهم من ترك كل ذلك , ولكنه قد يطيع النفس والشهوة في بعض الأفعال, وإليه الإشارة بقوله :"أفرأيت من اتخذ إلهه هواه" الجاثية: 23. وهذا النوع من الشرك هو المسمى بالشرك الخفي, وهو المراد من قوله تعالى حكاية عن إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام:" واجعلنا مسلمين لك" البقرة: 128. وقول يوسف عليه السلام:"توفني مسلما" يوسف: 101. فإن الأنبياء عليهم السلام مبرؤون عن الشرك الجلي, أماالحالة المسماة بالشرك الخفي, وهو الالتفات إلى غير الله , فالبشر لا ينفك عنه في جميع الأوقات , فلذلك السبب تضرع الأنبياء عليهم السلام إلى الله تعالى في أن يصرفه عنهم.
الاسم السابع عشر: مقاليد السماوات والأرض.
قال الله تعالى:"له مقاليد السماوات والأرض" الزمر:63. قال ابن عباس : هو قول لاإله إلا الله. وأقول : هذا هو الحق, ويدل عليه وجوه:
• الأول: أنه تعالى بين أن لو كان في الوجود إلهان لحصل الفساد في العالم, ولاختلت المصالح, قال الله تعالى:"لو كان فيهما آلهتان لفسدتا" الأنبياء:22. فثبت أن الشرك سبب لفساد العالم وأن التوحيد سبب لانتظام العالم. فثبت أن مقاليد السماوات والأرض هو قول: لاإله إلا الله.
• الثاني: أنا بينا أن الشرك سبب لفساد العالم, بدليل قوله تعالى:"تكاد السماوات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدا أن دعوا للرحمن ولدا" مريم:90-91. وإذا كان كذلك كان التوحيد سببا لعمران العالم.
• الثالث: أن أبواب السماوات لاتفتح عند الدعاء إلا بقول: لا إله إلا الله, وأبواب الجنان لا تفتح إلا بهذا القول, وأبواب النيران لا تغلق إلا بهذا القول, وباب القلب لا يفتح إلا بهذه الكلمة, وأنواع الوساوس لا تندفع إلا بهذا القول, فكانت هذه الكلمة أشرف مقاليد السماوات والأرض, وأعز مفاتيح الأرواح والنفوس والأجسام والعقول.
الاسم الثامن عشر: السديد
قال الله تعالى:"ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا" الأحزاب:70. قيل في تفسيره: الفعيل قد يكون بمعنى الفاعل, كالسميع بمعنى السامع, وقد يكون بمعنى المفعول كالقتيل بمعنى المقتول, والجريح بمعنى المجروح.
فإذا جعلته بمعنى الفاعل كان معناه: أنه يسد على صاحبه أبواب جهنم. وإذا حملته على معنى المفعول كان معناه: أنه يسد عن أن يضيره شيء من الذنوب.
وأيضا فإن ذا القرنين بنى السد دفعا لضرر يأجوج ومأجوج الله تعالى جعل الإيمان سدا لضرر الشياطين من الجن والإنس.
الاسم التاسع عشر: البر.
قال الله تعالى:"ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر" البقرة:177. والإشارة في الآية: أن من كان مشتغلا بجميع الجوانب والجهات لم يكن صاحب البر إنما صاحب البر هو الذي يتوجه إلى صاحب الكعبة"إني وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا" الأنعام: 79. فقوله:"ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب" إشارة إلى الكثرة والقول بالشركاء, وقوله: ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر". إشارة إلى التوحيد, فصار معناه هو المفهوم من قول لا إله إلا الله.
الاسم العشرون: الدين.
قال الله تعالى:" ألا لله الدين الخالص" الزمر:3. واعلم أن الدين هو: الانقياد والخضوع. قال عليه الصلاة والسلام في دعواته:"يا من دانت له الرقاب". أي خضعت. فقوله:"ألا لله الدين الخالص". أي له الخضوع والخشوع لا لغيره. وإنما يكون كذلك إذا كان واحدا في الإلهية, إذ لو وجد إلهان لكان كما أن الخضوع لأحدهما حاصل كان أيضا حاصلا للثاني, فلا يمكن ثبوت الخضوع إلا لله فقط, فالحصر دل على أنه لاإله سواه, ولا معبود إلا إياه.
الاسم الحادي والعشرون: الصراط.
قال تعالى:"اهدنا الصراط المستقيم". الفاتحة:6. وقال حكاية عن رسوله:"وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه". الأنعام:153. وقال:"وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم صراط الله الذي له مافي السماوات ومافي الأرض" الشورى:52-53.
واعلم أن هذا الصراط المستقيم هو قول لا إله إلا الله. وذلك باعتبار أن حدوث كل محدث وإمكان كل ممكن يحوجه إلى المؤثر الذي يوجده وينقله من العدم لى الوجود, وإذا كان الموجد والمدبر واحدا, فمتى نسبت حدوث المحدثات ووجود الممكنات إلى قدرته كان ذلك صراطا مستقيما وطريقا قويما. ومتى نسب حدوث محدث ووجود ممكن إلى غير قدرته, كان ذلك طريقا معوجا وسبيلا منحرفا. فثبت أن الصراط المستقيم لايحصل إلا بإسناد كل الحوادث والممكنات إلى تخليق الله وتكوينه, وإسناد الكل إليه فهو التوحيد. فثبت أن الصراط المستقيم هو قولنا لا إله إلا الله.
الاسم الثاني والعشرون: كلمة الحق.
لقوله تعالى:" ولايملك الذين يدعون من دونه الشفاعة إلا من شهد بالحق وهم يعلمون" الخرف:86.
يعني قول لاإله إلا الله.
الاسم الثالث والعشرون: العروة الوثقى.
قال الله تعالى:" فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى". البقرة: 256. يعني بكلمة لاإله إلا الله.
الاسم الرابع والعشرون: كلمة الصدق.
لقوله تعالى:" والذي جاء بالصدق وصدق به".الزمر: 33. أي قول لاإله إلا الله.
فهذا جملة الكلام في لاإله إلا الله...اللهم بحق أسمائك الطاهرة المقدسة احفظ بحفظك معرفة هذه الكلمة في قلوبنا وذكرها على ألسنتنا, ياأرحم الراحمين.
من كتاب عجائب القران للإمام فخر الدين الرازي.
انتهى.الحمد لله الذي هدانا لهذا وماكنا انهتدي لولا أن هدانا الله.
إذن الملخص: لا إله إلا الله هي:
كلمة التوحيد وكلمة الاخلاص وكلمة الاحسان وهي دعوة الحق وكلمة العدل وهي الطيب والكلمة الطيبة وهي القول الثابت وهي كلمة التقوى والكلمة الباقية وهي كلمة الله العليا والمثل الأعلى وكلمة السواء وهي كلمة النجاة وهي العهد وكلمة الاستقامة وهي مقاليد السماوات والأرض وهي السديد من القول وهي البر وهي الدين وهي الصراط المستقيم وهي كلمة الحق والعروة الوثقى التي لا انفصام لها وهي كلمة الصدق..جعلني الله وإياكم من الثابتين عليهاطوال الحياة وعند الممات وبعد الممات ويوم الحشر جمعني الله وإياكم في ظل عرشه وجعل الله هذه الكلمة العظيمة شافعة لنا منجيةلنا ولآبائنا وأمهاتنا من النار ثم يجمعنا الله بإذنه تعالى إخوانا على سرر متقابلين بجوار المصطفى الكريم لنخبره انا اتبعناه وأجبناه إلى دعوة الحق التي دعانا إليها بفضل من الله وهدى اللهم آمين...
المرة القادمة بإذن الله تعالى سأكتب لكم (في أسرار كلمة لاإله إلا الله ).
و(في فوائد كلمة لاإله إلا الله).
عدل سابقا من قبل راجية لرضى الرحمن في الثلاثاء أغسطس 05, 2008 1:24 pm عدل 1 مرات
راجية لرضى الرحمن- عضو "ماسي" نفخر به
- عدد الرسائل : 206
العمر : 36
المزاج : متلخبط
مزاجات :
تاريخ التسجيل : 24/06/2008
رد: أسماء كلمة التوحيد(لاإله إلا الله)
سبحان الله....كيف ضيقت أذهاننا معنى هذة الكلمة الشريفة
لا إله إلا الله
أسأله تعالى أن يكتب لك أجورًا مضاعفة عن كل كل حرف كتبتيه
و أن يجزيك الفردوس الأعلى بغير حساب
ولكنن عزيزتي...أرجو تصحيح ما يأتي:
قال الله تعالى" وجعل كلمة الذينكفروا هي السفلى وكلمة الله هي العليا" التوبة:40
قال الله تعالى" وجعل كلمة الذين كفروا هي السفلى وكلمة الله هي العليا" التوبة:40
كذلك:
قوله:"إلا من اتخذ عند الحمن عهدا"
قوله :" إلا من اتخذ عند الرحمن عهدًا"
بانتظار ما وعدتينا به من أسرار و فوائد لهذة الكلمة العظيمة
لا إله إلا الله
أسأله تعالى أن يكتب لك أجورًا مضاعفة عن كل كل حرف كتبتيه
و أن يجزيك الفردوس الأعلى بغير حساب
ولكنن عزيزتي...أرجو تصحيح ما يأتي:
قال الله تعالى" وجعل كلمة الذينكفروا هي السفلى وكلمة الله هي العليا" التوبة:40
قال الله تعالى" وجعل كلمة الذين كفروا هي السفلى وكلمة الله هي العليا" التوبة:40
كذلك:
قوله:"إلا من اتخذ عند الحمن عهدا"
قوله :" إلا من اتخذ عند الرحمن عهدًا"
بانتظار ما وعدتينا به من أسرار و فوائد لهذة الكلمة العظيمة
ابنة الجيل الجديد- عضو "ماسي" نفخر به
- عدد الرسائل : 279
المزاج : يا رب رحمتك
مزاجات :
تاريخ التسجيل : 24/06/2008
رد: أسماء كلمة التوحيد(لاإله إلا الله)
وإياكي يارب تم تعديل الموضوع جزاك الله كل خير
راجية لرضى الرحمن- عضو "ماسي" نفخر به
- عدد الرسائل : 206
العمر : 36
المزاج : متلخبط
مزاجات :
تاريخ التسجيل : 24/06/2008
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الأربعاء نوفمبر 26, 2008 4:28 pm من طرف كونان
» رااائع .. ولكن الأروع !!
الخميس نوفمبر 20, 2008 10:19 am من طرف كونان
» النـــــــــــــــــــــاس
الأربعاء نوفمبر 19, 2008 8:51 pm من طرف ابنة الجيل الجديد
» عيشو معي الأمل من خلال هذه الصور
الأحد نوفمبر 16, 2008 8:33 pm من طرف راجية لرضى الرحمن
» من يحرك السكر ..
الأحد نوفمبر 16, 2008 4:56 pm من طرف كونان
» أجمل ما يتعلمه المرء في الحياة
الأحد نوفمبر 16, 2008 4:52 pm من طرف كونان
» اشراقة من كتاب
الجمعة نوفمبر 14, 2008 7:16 am من طرف راجية لرضى الرحمن
» عشرة أسرار تجذب الأشخاص بإتجاهك
الجمعة نوفمبر 14, 2008 6:56 am من طرف راجية لرضى الرحمن
» الجلسة الصحية أثناء إستخدام الكمبيوتر بالصور
الخميس نوفمبر 13, 2008 5:37 pm من طرف ابنة الجيل الجديد
» هل سمعتم بقصة الشيخ الوقور وركاب القطار؟؟
الخميس نوفمبر 13, 2008 5:29 pm من طرف ابنة الجيل الجديد
» شخصيتك من طريقة ضغطك لمعجون الأسنان...
الخميس نوفمبر 13, 2008 5:14 pm من طرف ابنة الجيل الجديد
» ق.ص.ة’’’’ د.ع.ا.ء
الإثنين نوفمبر 10, 2008 7:55 pm من طرف راجية لرضى الرحمن
» درس الفراشة
السبت نوفمبر 08, 2008 12:35 am من طرف راجية لرضى الرحمن
» حضرت ولله الحمد محاضرة"لو كان بيننا"
الخميس نوفمبر 06, 2008 9:47 pm من طرف بنت الورد
» مفهووم ركاز اتعزيز الاخلاق... *-*
الأربعاء نوفمبر 05, 2008 9:31 pm من طرف ابداااع
» مقال رائع جدا للشيخ علي الطنطاوي رحمه الله
الأربعاء نوفمبر 05, 2008 9:25 pm من طرف ابداااع